(يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا الأمر هو التهيؤ للغزو، ولم يكن يعلم الحقيقة علما، بل استنبط هو من قبله، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفي أمر الغزوة لأهميتها، حتى قال لعائشة: جهزيني، ولا تعلمي بذلك أحدا، فدخل عليها أبو بكر، فأنكر بعض شأنها، فقال: ما هذا؟ قالت له. فقال: والله ما انقضت الهدنة بيننا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له أنهم أول من غدر، ثم أمر بالطرق، فحبست، ليعمي على أهل مكة، لا يأتيهم الخبر، فيستعدون ويجمعون الأحلاف.
وذكر بعض أهل المغازي أن لفظ الكتاب "أما بعد. يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله، وأنجز له وعده. انظروا لأنفسكم. والسلام".
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب، ما هذا؟ ) معطوف على محذوف، ظهر في رواية للبخاري وهو "فأرسل إلى حاطب" فجاء، فقال له ... وفي رواية "ما حملك على هذا"؟ وفي رواية للبخاري "ما حملك على ما صنعت"؟ .
(قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امرأ ملصقا في قريش) قال الراوي: "كان حليفا لهم، ولم يكن من أنفسها".
(وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات، يحمون بها أهليهم، فأحببت - إذا فاتني ذلك من النسب فيهم، أن أتخذ فيهم يدا، يحمون بها قرابتي) وفي رواية للبخاري "أردت أن تكون لي عند القوم يد، يدفع الله بها عن أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته، من يدفع الله به عن أهله وماله" وفي رواية أخرى للبخاري "كنت امرأ من قريش، ولم أكن من أنفسهم" أي كنت منهم بالحلف، وحليف القوم منهم، وعند أحمد "كنت غريبا" قال السهيلي: كان حاطب حليفا لعبد الله بن حميد بن زهير بن أسد بن عبد العزى.
وعند ابن إسحاق "وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليه" يقال: كان له بمكة أولاده وإخوته وأمه.
(ولم أفعله كفرا، ولا ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام) وفي رواية للبخاري "والله ما بي أن لا أكون مؤمنا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق) وفي رواية للبخاري "أنه قد صدقكم" بتخفيف الدال، أي قال الصدق، وفي رواية أخرى للبخاري "أما إنه قد صدقكم" وفي أخرى للبخاري أيضا "صدق، ولا تقولوا له إلا خيرا" وفي رواية "فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم".
(فقال عمر: دعني يا رسول الله، أضرب عنق هذا المنافق. فقال: إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم) ما سبق من ذنوبكم، وسأغفر لكم ما يلحق منها.