-[المباحث العربية]-
(أن أبا سفيان) صخر بن حرب.
(أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر) أي مر بهم، وهم جلوس في مجلس، وكان هذا المرور، وهو كافر، فقد زار المدينة، وزار ابنته أم حبيبة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية، أثناء الهدنة.
(فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها) أسلوب يفيد التحسر على أن سيوف حزب الله لم تقتل هذا الكافر، ولم تنل منه في الحروب السابقة بين المسلمين والمشركين، ويحمل التمني أن تنال هذه السيوف من هذا العدو في المستقبل.
(فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ ) الظاهر أن أبا بكر كان جالسا معهم، وإن لم يذكر في الجالسين، والاستفهام إنكاري توبيخي، أي لا ينبغي أن تقولوا هذا، ووصفه بأوصاف السيادة استنكارا لتمنيهم القتل له، والمؤمن يسأل الله العافية والهداية أولى من أن يسأل للعدو القتل.
(فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم) وزدت في الإنكار على هذا القول. آمل أن لا تكون فعلت ذلك.
(لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك) لأنهم لم يقولوا نكرا ولا هجرا، بل هي منهم كلمة حق وصدق، وفيها تحمس للإسلام وعز أهله، وكبت أعدائه وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على صناديد قريش.
(فأتاهم أبو بكر) ليتأكد منهم أنه لم يغضبهم، وليستسمحهم إن كانوا قد غضبوا، ولا يلزم من إتيانه إياهم أن يكونوا كما كانوا في مجلسهم، فقد يأتيهم واحدا واحدا، ويسأله، ويجيب، لكن ظاهر سؤاله وجوابهم أنهم كانوا مجتمعين في جلستهم، أو في جلسة أخرى.
(يا إخوتاه) لغة في: يا إخوتي، قال ابن مالك
واجعل منادى صح إن يضف ليا ... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا
وناداهم بهذا النداء الرقيق استعطافا لهم أن يتسامحوا.
(أغضبتكم؟ ) بقولي لكم: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ .
(قالوا: لا يغفر الله لك) البلاغة لا تستحسن هذا الأسلوب، لأن صورته صورة نفي الدعاء، حيث لا فاصل بين "لا" وبين الدعاء، وإن كانت "لا" هنا نفي لجملة سابقة، أي لا. لم تغضبنا،