(التي يلاث على أفواهها) أي يلف الخيط على أفواهها ويربط، وفي رواية "تلاث" بالتاء بدل الياء.
(إن أرضنا كثيرة الجرذان) بكسر الجيم وإسكان الراء جمع جرذ بضم الجيم وفتح الراء وهو نوع من الفأر، أو الذكر منها، وفي رواية "إن أرضنا كثير الجرذان" بتذكير لفظ "كثير" وهو على تقدير موصوف مذكر أي إن أرضنا مكان كثير الجرذان، واعتذروا بذلك لعلمهم أن شريعة الإسلام مبنية على التخفيف، فظنوا أنهم قد يرخص لهم للضرورة.
(وإن أكلتها الجرذان) مكرر ثلاث مرات في الأصول للتأكيد، وفطم نفوسهم عن الطمع في الرخصة، وجواب الشرط محذوف تقديره: فلا يباح الانتباذ في غيرها. ولم يرخص لهم صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعسر الاحتراز منها.
الرواية الخامسة
(جعلنا الله فداءك) استعملتها العرب كناية عن الدعاء بالوقاية من المكروه.
(ماذا يصلح لنا من الأشربة؟ ) أي من ظروف الأشربة وأوعيتها، ففي الكلام مضاف محذوف.
(وعليكم بالموكى) بضم الميم وإسكان الواو أي المربوط بالوكاء، وهو الخيط. و"عليكم " اسم فعل أمر بمعنى الزموا، والباء حرف جر زائد و"الموكى" مفعول به لاسم الفعل.
-[فقه الحديث]-
روايات كثيرة لهذا الحديث في مسلم حصرناها في خمس، وروايات كثيرة له في البخاري، وبينها اختلاف كثير في الألفاظ بالزيادة والنقص والتبديل والتقديم والتأخير والقصة واحدة، ولم يعد هذا الاختلاف مشكلا بعد البيان الذي مر بنا قريبا عن صحة الرواية بالمعنى، واختلاف الرواة في الحفظ والضبط الذي لا يطعن في صحة الحديث.
لكن المشكل هنا أنه صلى الله عليه وسلم قال "آمركم بأربع" والمذكور في أكثر الروايات خمس، إيمان بالله ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأداء الخمس، وعدم ذكر الصوم في الرواية الأولى إغفال من الراوي.
وللعلماء في الجواب عن هذا الإشكال أقوال: أظهرها ما قاله ابن بطال في شرح البخاري. قال: أمرهم بالأربع التي وعدهم بها، ثم زادهم خامسة -يعنى أداء الخمس- لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر، فكانوا أهل جهاد وغنائم.