للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ورهطك منهم المخلصين) في القاموس: "الرهط" ويحرك. قوم الرجل وقبيلته، ومن ثلاثة أو سبعة إلى العشرة، وما فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه. اهـ. والمراد هنا القوم، و"المخلصين" بفتح اللام، وهي صفة المؤمنين، و"من" تبعيضية، وهو من عطف الخاص على العام تنويها به وتأكيدا.

(أرأيتكم لو أخبرتكم) "أرأيتكم" معناه أخبروني، عن طريق مجازين: الأول في الاستفهام، بأن تريد معه مطلق الطلب، بدلا من طلب الفهم، بعلاقة الإطلاق بعد التقييد، والثاني: في الرؤية بأن تريد منها لازمها وهو الإخبار، فآل المعنى إلى طلب الإخبار، المدلول عليه بلفظ أخبروني.

(أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل) أي الأعداء، وفي رواية "تريد أن تغير عليكم" وسفح الجبل أسفله، وقيل: عرضه، والمشار إليه جبل أبي قبيس، حيث كان وافقا على طرفه.

(أكنتم مصدقي) بتشديد الياء، وأصله أكنتم مصدقين إياي، فالياء الأولى علامة النصب، والياء الثانية ضمير المفعول وحذفت النون للإضافة.

(فقال أبو لهب: تبا لك) "أبو لهب" بفتح الهاء وسكونها عم النبي صلى الله عليه وسلم واسمه عبد العزى بن عبد المطلب وأمه خزاعية، وكني أبا لهب إما بابنه لهب، وإما بشدة حمرة وجنته، ووافق ذلك ما آل إليه أمره، من أنه سيصلى نارا ذات لهب، ومات بعد وقعة بدر، ولم يحضرها، بل أرسل عنه بديلا، فلما بلغه ما جرى لقريش مات غما وكمدا، وقوله: "تبا لك" أي خسرانا لك، مصدر محذوف فعله.

(تبت يدا أبي لهب) في القاموس: تبت يداه ضلتا وخسرتا، والجملة دعائية معنى، أو خبرية لفظا ومعنى.

(وقد تب كذا قرأ الأعمش) أي هكذا قرأها الأعمش يومئذ بزيادة "قد" وليست هذه القراءة فيما نقل القراء عن الأعمش، فالذي يظهر أنه قرأها حاكيا، لا قارئا، والمحفوظ أنها قراءة ابن مسعود وحده، والجملة على هذه القراءة حالية ويمتنع أن تكون دعائية؛ لأن "قد" لا تدخل على أفعال الدعاء، أما على القراءة الأخرى بحذف "قد" فيجوز أن تكون دعائية، ويجوز أن تكون حالية، و"قد" معها مقدرة، فيكون دعاء عليه بهلاكه كله، أو يكون إخبارا بما سيحصل، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع.

قال الفراء: الأول: "تبت يدا أبي لهب" دعاء بهلاك جملته على أن اليدين إما كناية عن الذات والنفس لما بينهما من اللزوم في الجملة، أو مجاز مرسل، من إطلاق الجزء وإرادة الكل، كقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: ١٩٥] والثاني إخبار بالحصول، أي وكان ذلك وحصل. اهـ. وقيل: الأول: إخبار عن هلاك عمله حيث لم يفده، ولم ينفعه، لأن الأعمال تزاول بالأيدي غالبا، والثاني إخبار عن هلاك نفسه. اهـ. والظاهر أن كل من يقول: إنها إخبار يقول بأنها من قبيل التعبير عن المضارع بالماضي لتحقق الوقوع، أو إخبار عما وقع في علم الله وقضائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>