وقال البيضاوي: الظاهر أن المراد من الكلام كلام البشر، فإن الثلاث الأول وإن وجدت في القرآن لكن الرابعة لم توجد، ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه. اهـ.
ويتحقق الكلمات الأربع غيرها من الذكر كالحوقلة، والبسملة، والحسبلة والاستغفار والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، وفي حكم الذكر قراءة التفسير والحديث ومدارسة العلم، ثم الذكر يقع تارة باللسان، ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط ألا يقصد به غير معناه، وإن انضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل، فإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي التناقض عنه ازداد كمالا، فإن وقع ذلك في عمل صالح من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالا.
ثم إن هذا الفضل الوارد في حديث الباب وما شابهه إنما هو لأهل الفضل في الدين والطهارة من الجرائم العظام، ولا يلحق بهم من أصر على شهواته، وانتهك دين الله وحرماته، مصداقا لقوله جل شأنه {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}[الجاثية: ٢١]. وقوله {إنما يتقبل الله من المتقين}[المائدة: ٢٧].
وأما الصلاة: ففي معنى قوله صلى الله عليه وسلم "والصلاة نور" يقول الإمام النووي: معناه أنها تمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب، كما أن النور يستضاء به، وقيل: معناه أن يكون أجرها نورا لصاحبها يوم القيامة، وقيل: لأنها سبب لإشراق أنوار المعارف، وانشراح القلب، ومكاشفات الحقائق، لفراغ القلب فيها، وإقباله إلى الله تعالى بظاهره وباطنه، وقد قال الله تعالى {واستعينوا بالصبر والصلاة}[البقرة: ٤٥]، وقيل: معناه: أنها تكون نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا أيضا على وجهه البهاء، بخلاف من لم يصل، والله أعلم.
وأما الصدقة: وأنها برهان فقد قال صاحب التحرير: معناه يفزع إليها كما يفزع إلى البراهين، كأن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله، كانت صدقاته براهين في جواب هذا السؤال، فيقول: تصدقت به. قال: ويجوز أن يوسم المتصدق بسيماء يعرف بها، فيكون برهانا له على حاله ولا يسأل عن مصرف ماله. اهـ.
وقال بعضهم: معناه: الصدقة حجة على إيمان فاعلها، فإن المنافق يمتنع منها، لكونه لا يعتقدها، فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه.
وأما الصبر: فقد قيل: إنه ثلاثة أقسام: صبر عن المعصية فلا يرتكبها، وصبر على الطاعة حتى يؤديها، وصبر على البلية فلا يشكو ربه فيها، والصبر سبب في حصول كل كمال، وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله "إن الصبر خير ما أعطيه العبد" ويقول جل شأنه {وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}[البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].
هذا، وإظهار البلاء لا على وجه الشكوى لا ينافي الصبر، إذ هو يتحقق بعدم الاعتراض على