للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما اختلاف الرواة فيه عن الصحابي الواحد في القصة الواحدة فذلك محمول على أن بعضهم حفظ وبعضهم نسي، فيؤخذ بما زاده الثقة، كما تقرر من قبول زيادة الثقة الضابط. اهـ.

ثم قال في موضع آخر: وقد أجمع العلماء على كراهة الزيادة على الثلاث.

والمراد بالثلاث المستوعبة للعضو، وأما إذا لم يستوعب العضو إلا بغرفتين فهي غسلة واحدة. ولو شك هل غسل ثلاثا أو اثنتين جعل ذلك اثنتين؛ وأتى بثالثة، هذا هو الصواب الذي قاله الجماهير من أصحابنا، وقال الجويني: يجعل ذلك ثلاثا ولا يزيد عليها، مخافة ارتكاب بدعة بالرابعة، والأول هو الجاري على القواعد، وإنما تكون الرابعة بدعة ومكروهة إذا تعمد كونها رابعة. اهـ.

وما حكاه النووي من إجماع المسلمين على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة وعلى أن الثلاثة سنة، هو المشهور، فقد قال الأبي وحكى الإسفرايني عن مالك وجوب الثانية. اهـ.

وما حكاه من إجماع العلماء على كراهة الزيادة على الثلاث هو المشهور أيضا، فقد قال أحمد وإسحق وغيرهما: لا تجوز الزيادة على الثلاث، ولا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى، وقال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم، فهذا الرأي يجعل الزيادة على الثلاث أقوى من الكراهة، ويقابله ما نقله الحافظ ابن حجر عن الشافعي أنه قال: لا أحب أن يزيد المتوضئ على ثلاث، فإن زاد لم أكرهه.

وفي المرقاة قال الإمام النسفي: هذا إذا زاد معتقدا أن السنة هذا؛ فأما لو زاد لطمأنينة القلب عند الشك أو نية وضوء آخر فلا بأس، لأنه عليه الصلاة والسلام أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه. اهـ.

فتعبير الإمام النووي في الحالتين بإجماع المسلمين محمول على التسامح.

والتحقيق: أن ما حكاه إنما هو قول جماهير المسلمين وجماهير العلماء.

ولا يفوتنا أن ننبه أن كراهة الزيادة على الثلاث مقصورة على حالة قصد الوضوء، فإن كان على العضو وسخ وقصد إزالته أزيل بقطع النظر عن العدد، وعليه تحمل الرواية ٤١٩ التي جاء فيها "وغسل رجليه حتى أنقاهما" بل استدل بعض الفقهاء بهذه الرواية على أن غسل الرجلين في الوضوء لا يحد بالثلاث، لأن الرجل لقربها من الأرض في المشي تكثر فيها الأوساخ والأدران، فيحال الأمر فيها على مجرد الإنقاء من غير اعتبار العدد، لكن هذا الرأي مردود، وإزالة الأوساخ في أي عضو مطلوبة بقطع النظر عن العدد، والثلاث للرجل كغيرها مطلوبة حيث لا وسخ، وقد نصت الرواية الأولى والثانية على التثليث في غسل الرجلين.

أما مسح الرأس فالجمهور على عدم التثليث، وجميع رواياتنا لم تذكر التثليث في مسح الرأس، بل نص في بعضها على أنه مسح مرة واحدة، وقال أبو داود في السنن: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة، وكذا قال ابن المنذر: إن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في

<<  <  ج: ص:  >  >>