للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو كعرف الديك، وتقطع الجلدة المستعلية منه، دون استئصاله، وفي الحديث نهي عن الإنهاك والاستئصال، وأقله ما ينطلق عليه اسم الختان وإن قل.

وفائدته الإنقاء من البول، فإن هذه الجلدة المغطية للحشفة تجمع بقايا البول كما أن جلدة الأنثى كذلك تغطي قدرا من النجاسة وإن كان أقل من جلدة الذكر. هذا ما يقوله جمهور العلماء، ويقول بعضهم: إن ختان الذكر يزيد من لذته في الجماع، لأن الإحساس بسطح مكشوف أتم وأقوى من الاتصال بسطح مستور، وكمال اللذة تدعو إلى كثرة الجماع، ليؤدي إلى المقصود الحقيقي منه وهو كثرة النسل، ولا يقال: إن غير المختون تنكشف حشفته عند الجماع كالمختون، فإنه مما لا شك فيه أن غير المختون لا تنكشف حشفته جميعها، لأن جلدة الختان تنطوي عند الوطء بعضها على بعض، فتشغل جزءا من الحشفة، مما يمنع كمال اللذة.

أما الأنثى فإن هذه الجلدة لو بقيت لأثارتها، وهيجت شهوتها لأقل اتصال فربما قضت شهوتها سريعا قبل أن يتمكن الزوج من تمتعه، وربما كلفته ما لا يطيق بسبب شبقها، وكثرة رغبتها في قضاء وطرها، واستئصال الجلدة وإنهاكها يؤدي بالمرأة إلى ضعف شهوتها ضعفا يضر بمقصد الشارع الحكيم ومن هنا كان الأمر بالختان والنهي عن الإنهاك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأم عطية "أشهي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه (أي أكثر لماء الوجه) وأحظى عند الزوج" وفي رواية "لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة" رواه أبو داود.

ولعل هذا سر إطلاق العرب على ختان الذكر إعذارا، وعلى ختان الأنثى خفضا. والله أعلم.

وحكمه مختلف فيه اختلافا كبيرا، فالشافعي وجمهور أصحابه، ورواية عن أحمد وبعض المالكية يقولون: الختان واجب في حق الرجال والنساء.

بل بالغ بعضهم فقال: إن من أسلم وهو شيخ وجب أن يختن وإن خيف عليه، كمن سرق يقطع وإن خيف عليه. وقالوا: من مات كبيرا قبل أن يختن ختن ميتا.

وفي وجه للشافعية: لا يجب في حق النساء، وذهب أكثر العلماء وبعض الشافعية إلى أنه ليس بواجب، وعن أبي حنيفة أنه واجب وليس بفرض، وعنه أنه سنة يأثم بتركه.

واستدل القائلون بالوجوب بأدلة، منها:

أ- أن القلفة تحبس النجاسة، فتمنع من صحة الصلاة، كمن أمسك نجاسة بفمه، ورد بأن الفم في حكم الظاهر، يسهل فتحه وإخراج ما فيه وغسله بخلاف القلفة فإنها في حكم الباطن.

ب- واستدلوا بما أخرجه أبو داود من حديث كليب جد عشيم بن كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له "ألق عنك شعر الكفر واختتن" ورد بأن سند الحديث ضعيف.

جـ- وقالوا: إن كشف العورة حرام، ولا يشرع إلا لواجب فلو لم يكن الختان واجبا ما أبيح له كشف العورة، ورد القاضي عياض بأن كشف العورة مباح لمصلحة الجسم، والنظر إليها يباح للمداواة، وليس ذلك واجبا إجماعا، كما رده أبو شامة بأنهم جوزوا لغاسل الميت أن يحلق عانة الميت، ولا يتأتى ذلك الغسل إلا بالنظر واللمس، وهما حرامان وقد أجيزا لأمر مستحب.

<<  <  ج: ص:  >  >>