للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن دقيق العيد: من نظر إلى اللفظ وقف مع النتف، ومن نظر إلى المعنى أجازه بكل مزيل. اهـ. ومما ذكرنا في التعقب على الغزالي يتضح أن النتف مقصود من جهة المعنى، وهو معنى ظاهر لا يهمل، ثم إن مورد النص إذا احتمل معنى مناسبا يمكن أن يكون مقصودا في الحكم ينبغي أن لا يترك، ولهذا نعود إلى القول بأن النتف أفضل لمن قوي عليه.

ويستحب البدء بالإبط الأيمن مستخدما أصابع اليد اليسرى، استصحابا لسنة التيامن.

خامسا: قص الشارب، وقد اعتبر من الفطرة في الرواية الأولى والثانية والثالثة والثامنة، وخص بالذكر مع اللحية في الرواية الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة.

قال النووي في المجموع: وأما قص الشارب فمتفق على أنه سنة. اهـ.

وقال ابن دقيق العيد: لا أعلم أحدا قال بوجوب قص الشارب من حيث هو هو. قال الحافظ ابن حجر: واحترز بذلك من وجوبه بعارض، حيث يتعين .. ثم قال: ولعل ابن دقيق العيد لم يقف على كلام ابن حزم في ذلك، فإنه قد صرح بالوجوب في ذلك وفي إعفاء اللحية. اهـ.

وإذا صرفنا النظر عن رأي ابن حزم وابن العربي وجدنا العلماء يتفقون على أن قص الشارب سنة، لكنهم يختلفون في مقدار القص المستحب، أو في الحالة الفضلى.

فأبو حنيفة وأصحابه يقولون: الإحفاء أفضل من التقصير، وقال الأثرم كان أحمد يحفي شاربه إحفاء شديدا، ونص على أنه أولى من القص.

وأخرج الطبري عن عبد الله بن أبي رافع قال: رأيت أبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وابن عمر ورافع بن خديج وأبا أسيد الأنصاري وسلمة بن الأكوع وأبا رافع ينهكون شواربهم كالحلق، وفي أثر آخر أن ابن عمر كان يحفي شاربه حتى ينظر إلى بياض الجلد. وهذا الفريق يسانده ظاهر ما جاء في الرواية الرابعة والخامسة والسادسة بلفظ "أحفوا الشوارب" وظاهر ما جاء في الرواية السابعة بلفظ "جزوا الشوارب" وظاهر رواية البخاري ولفظها "وأنهكوا الشوارب".

فكل هذه الألفاظ تدل على أن المطلوب المبالغة في الإزالة.

الفريق الثاني يرى أن الأفضل القص، قال النووي في شرح المهذب: هو مذهبنا، بل قال أشهب: سألت مالكا عمن يحفي شاربه، فقال: أرى أن يوجع ضربا، وقال لمن يحلق شاربه: هذه بدعة ظهرت في الناس، اهـ.

وهذا الفريق يفسر قوله "وأحفوا الشوارب" و"جزوا الشوارب" بأن المعنى أزيلوا ما طال على الشفتين، وفسر ابن بطال النهك بالتأثير في الشيء من غير الاستئصال، ويستدلون بما رواه البيهقي عن المغيرة بن شعبة، قال "ضفت النبي صلى الله عليه وسلم وكان شاربي وفيا فوضع السواك تحت الشارب وقص عليه" وبما أخرجه البزار من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا وشاربه طويل، فقال: ائتوني بمقص وسواك فجعل السواك، على طرفه، ثم أخذ ما جاوزه، وبما أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس وحسنه "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص شاربه".

<<  <  ج: ص:  >  >>