للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروى أن عمر بن الخطاب كان إذا غضب فتل شاربه.

ويرى هذا الفريق أن يقص الشارب حتى يبدو طرف الشفة العليا ويقولون: إن المعنى في مشروعية قص الشارب يتحقق بذلك، ففيه مخالفة المجوس والمشركين، وفيه الأمن من التشويش على الآكل، والأمن من بقاء زهومة المأكول فيه، وفيه جمال المنظر.

وهناك فريق ثالث يرى تساوي الأمرين، ويترك الخيار بينهما للمسلم، ويمثله الطبري حيث حكى قول مالك، وقول أبي حنيفة وأصحابه، ونقل أقوال أهل اللغة، ثم قال: دلت السنة على الأمرين، ولا تعارض، فإن القص يدل على أخذ البعض والإحفاء يدل على أخذ الكل، وكلاهما ثابت، فيتخير فيما شاء. اهـ.

ويستحب أن يبدأ في قص الشارب باليمين، وهو مخير بين أن يقص ذلك بنفسه، أو يقوم به غيره، لحصول المقصود من غير هتك مروءة بخلاف الإبط، ومن غير ارتكاب حرمة بخلاف العانة.

قال الحافظ ابن حجر: ومحل ارتكاب الحرمة أو هتك المروءة في العانة والإبط حيث لا ضرورة، فإن وجدت ضرورة لم يكن في الاستعانة بالغير حرمة أو هتك مروءة، أما الأخذ من الشارب فينبغي فيه التفصيل بين من يحسن أخذه بنفسه بحيث لا يتشوه، وبين من لا يحسن، فيستعين بغيره، ويلتحق به من لا يجد مرآة ينظر وجهه فيها عند أخذه. اهـ.

قال النووي: ويتأدى أصل السنة بأخذ الشارب بالمقص وبغيره، وتوقف ابن دقيق العيد في قرضه بالسن، ثم قال: من نظر إلى اللفظ منع، ومن نظر إلى المعنى أجاز. اهـ.

وقد سئل الإمام أحمد عمن يأخذ شيئا من شعره وأظفاره، أيدفنه، أم يلقيه؟ فقال: يدفنه. قيل له: بلغك فيه شيء؟ قال: كان ابن عمر يدفنه، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بدفن الشعر والأظفار. قال الحافظ ابن حجر: وهذا الحديث أخرجه البيهقي، وقد استحب أصحابنا دفنها؛ لكونها أجزاء من الآدمي. اهـ.

وظاهر الرواية الثالثة ونصها "وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة" ظاهر هذه الرواية أن لهذه الخصال وقتا تؤدى فيه، لكن الحد النهائي للترك هو أربعون ليلة. وقد ذهب بعضهم إلى استحبابها يوم الجمعة قبل الزوال، وذهب آخرون إلى استحبابها يوم الخميس، والمعتمد أنه يستحب كيفما احتاج إليه، فينتف إبطه كلما طلع، ولا يدع شاربيه يطولان، وأن يقلم أظفاره كلما طالت، والضابط في ذلك الاحتياج، قال النووي: ينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، والضابط الحاجة في هذا وفي جميع الخصال المذكورة. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر: لكن لا يمنع من التفقد يوم الجمعة، فإن المبالغة في التنظيف فيه مشروع. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>