للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنقل ما رآه، لأنه لا يجوز له أن يقصد الرؤية في تلك الحالة، كما لا يجوز أن يتعمد الشهود النظر إلى الزنا، فإن وقعت أبصارهم عليه تحملوا الشهادة، وهذا الأخير هو المناسب لأدب ابن عمر وفقهه وورعه.

١١ - ومن الحديث الثامن: النهي عن التنفس في الإناء، وهو نهي أدب وتنزيه، فإنه إن فعل ذلك لم يأمن أن يبرز من فيه الريق، فيخالط الماء، فيعافه الشارب، وربما يتأثر برائحة فمه، إذا كانت متغيرة، والماء للطفه ورقة طبعه تسرع إليه الروائح، ثم إنه يعد من فعل الدواب، إذا كرعت في الأواني جرعت ثم تنفست فيها، ثم عادت فشربت، وإنما السنة أن يشرب الماء في ثلاثة أنفاس، كلما شرب نفسا من الإناء نحاه عن فمه، ثم عاد، مصا له غير عب، إلى أن يأخذ ريه منه، والتنفس خارج الإناء أحسن في الأدب، وأبعد عن الشره وأخف للمعدة، والنهي المذكور ليس خاصا بشرب الماء، بل غيره مثله وكذلك النفخ في الطعام والشراب، فقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن النفخ في الشرب، فقال رجل: القذاة أراها في الإناء؟ قال: اهرقها. قال: فإني لا أروى من نفس واحد؟ قال: "فأين القدح إذن عن فيك".

١٢ - جواز الشرب من نفس واحد، لأنه إنما نهى عن التنفس في الإناء والذي شرب في نفس واحد لم يتنفس فيه، فلا يكون مخالفا للنهي، وكرهه جماعة؛ محتجين بما رواه الترمذي "لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم" ولا شك أن هذا أفضل أدبا وصحة، وإن جاز الشرب من نفس واحد.

١٣ - ومن الحديث الثالث عشر: حرص الإسلام على شعور الناس، وعدم إيذائهم ونظافة الأماكن العامة، بتحريم التخلي في طريق الناس وظلهم.

١٤ - ومن الحديث الرابع عشر: من قوله "دخل حائطا" استحباب التباعد -لقضاء الحاجة- عن الناس، والاستتار عن أعين الناظرين.

١٥ - ومن الحديث الخامس عشر: استحباب استصحاب عصا ونحوها عند المشي في الخلاء، وخصوصا في الليل، للتوكؤ عليها، وللحماية مما يعرض من هوام الأرض.

١٦ - ومن الحديث الثامن عشر: جواز البول قرب الديار ومن قوله "فتنحيت" استحباب الإعراض عن قاضي الحاجة والبعد عن مكانه، قال بعض العلماء: إنما يستحب هذا عند الغائط أو البول قاعدا، أما عند البول قائما فلا. والحديث أصل في ذلك، وقد جاء في بعض الآثار "كان إذا بال لم يبعد، ولم يبعد الناس عنه، بل أدنى حذيفة منه حين بال قائما، وفي مراسيل عطاء: "أنه بال جالسا، فدنا رجل منه، فقال: تنح عني، فإن كل بائلة نفيح".

١٧ - لكن ظاهر الأحاديث التنحي والإبعاد عن قاضي الحاجة أيا كانت.

١٨ - وجواز طلب البائل من صاحبه الذي يدل عليه القرب منه ليستره.

١٩ - وفيه استحباب التستر، ولو كانت الحاجة بولا.

٢٠ - استخدام الرجل الفاضل بعض أصحابه في حاجته.

<<  <  ج: ص:  >  >>