وقد اختلف في رد عمر السبي. هل كان نقضا لفعل أبي بكر باجتهاد ثان منه؟ . أو لم يكن نقضا، وإنما فداهم من أيدي مالكيهم بما فتح الله به عليه، وأعتقهم تفضلا وصلة للقرابة؟ .
الأصح الثاني، لأنه لم ينزع من يد أحد شيئا إلا بعوض، ولو كان نقضا لأخذهم من أيدي مالكيهم بدون عوض، ولأنه فعل ذلك بكل من ملك من العرب وقال: ليس على عربي ملك.
٤ - وقد زعم بعض الروافض أن قتال مانعي الزكاة كان عسفا، لأنهم كانوا متأولين في منع الصدقة، ومثل هذه الشبهة تعذرهم وترفع عنهم السيف، واتهموا أبا بكر رضي الله عنه بأنه أول من سبى المسلمين.
وقال الخطابي- رحمه الله - هؤلاء (الروافض) قوم لا خلاق لهم في الدين وإنما رأس مالهم البهت والتكذيب والوقيعة في السلف، وقد بينا أن أهل الردة كانوا أصنافا، منهم من ارتد عن الملة، ودعا إلى نبوة مسيلمة وغيره، ومنهم من ترك الصلاة والزكاة وأنكر الشرائع كلها، وهؤلاء هم الذين سماهم الصحابة كفارا، ولذلك رأى أبو بكر رضي الله عنه سبي ذراريهم، وساعده على ذلك أكثر الصحابة، واستولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه جارية من سبي بني حنيفة، فولدت له محمدا الذي يدعى ابن الحنفية، ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى أجمعوا على أن المرتد لا يسبى. اهـ.
ويؤخذ من قول الخطابي أن أبا بكر لم يسب ذراري مانعي الزكاة، وقد صرح بهذا في موضع آخر حيث نقل عنه قوله: واتفقوا على أن أبا بكر لم يسب ذراري مانعي الزكاة إلا في شيء روي عن بعض الروافض ولا يعتد بخلافهم. اهـ.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم.]-
١ - شجاعة أبي بكر، وتقدمه في العلم على غيره، وقد أجمع أهل الحق على أنه من أفضل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٢ - جواز مراجعة الأئمة والأكابر للوصول إلى الحق.
٣ - الأدب في المناظرة بترك التصريح بالتخطئة، والعدول إلى التلطف، والأخذ في إقامة الحجة.
٤ - جواز الحلف على فعل الشيء لتأكيده.
٥ - الاجتهاد في النوازل، وردها إلى الأصول، والرجوع إلى الراجح.
٦ - القياس والعمل به.
٧ - صيانة مال من أتى بكلمة التوحيد ونفسه ولو كان عند السيف، ومحل عصمة أموال الكفار بالشهادتين إذا قالوهما قبل حيازة أموالهم، أما بعد حيازتها فلا، على الصحيح.
٨ - استدل النووي بالحديث على أن تارك الصلاة عمدا معتقدا وجوبها يقتل. قال الحافظ ابن حجر: وفي هذا الاستدلال نظر، للفرق بين صيغة أقاتل وأقتل، وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال: ليس القتال من القتل بسبيل، قد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله.