٦٢٦ - عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت: إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل. هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لأفعل ذلك. أنا وهذه. ثم نغتسل".
-[المعنى العام]-
كان العرب من المولعين بالنساء، وكانوا يكثرون من إتيانهن، وكان يشق على المسلمين اعتزال النساء أسبوع المحيض، فأذن لهم بمباشرتهن فيما فوق السرة وتحت الركبة، وصعب عليهم اعتزالهن في رمضان، وعلم الله أنهم كانوا يختانون أنفسهم، فتاب عليهم وعفا عنهم، وأحل لهم ليلة الصيام الرفث إلى نسائهم، وأباح للرجل جمع أربع من النسوة، ولم يحارب الإسلام هذه النزعة الشهوانية مادامت في الحلال، اعتبرها مصدر الإعفاف للرجل والمرأة على السواء، وشرع الإسلام الغسل من دفق المني، وكثرت العملية الجنسية بإنزال وبغير إنزال، ولم يشأ الإسلام أول الأمر أن يوجب الغسل لمجرد الإيلاج، تخفيفا على الأمة، وتأليفا للقلوب، وتدرجا فيما يشق من التكاليف، وهو يقدر قلة الماء عند القوم وحاجتهم إلى ما عندهم منه في الطعام والشراب وضرورات الحياة لكن بعضهم التزمه ظنا أنه واجب على كل حال، وعملا بما فهم من قوله تعالى:{وإن كنتم جنبا فاطهروا}[المائدة: ٦] حيث يدرك تحقق الجنابة بالوطء ولو بدون إنزال لكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم يسر الدين، وعدم وجوب الغسل في حالة الإكسال وتعددت الوقائع بخصوص هذا الأمر، تحكيها لنا روايات الحديث. ومنها ما رواه الإمام مسلم، أنه خرج صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام، ومعه بعض أصحابه، يقصد ضاحية من ضواحي المدينة، يقصد قباء، ومر في طريقه بمنازل بني سالم في أطراف المدينة، ورأى نفسه أمام منزل عتبان الأنصاري الصحابي الجليل، فناداه، وانتظر، وإذا به يخرج مسرعا، ورأسه يقطر ماء، وإزاره يجر خلفه، يحاول لفه حول وسطه قبل أن يصل، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال: لقد أعجلنا الرجل، وأخرجناه من حاجته قبل أن يقضيها، ثم التفت إليه وقال: لعلنا أعجلناك.
قال: نعم يا رسول الله إني كنت مع أهلي، فلما سمعت صوتك أقلعت، فاغتسلت، أخبرني يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن الرجل أعجل عن أهله، فلم ينزل منيا، ماذا عليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم لا غسل عليه؛ إنما الغسل من المني.
ومنها ما رواه الطحاوي عن أبي هريرة من "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى رجل من الأنصار، فأبطأ عليه، فلما جاء قال له: ما حبسك؟ وما أخرك؟ قال: كنت حين أتاني رسولك على امرأتي، فقمت، فاغتسلت، فقال: كان عليك أن لا تغتسل ما لم تنزل.