والمراد هنا الموضع الذي قطعت عنه الجلدة، فإن كان الختان يطلق على القطع، وعلى مكانه -كما قيل- فلا حذف، وإن كان معناه المصدر فالكلام على حذف مضاف، أي موضع الختان.
ومس الختان الختان كناية عن مغيب الحشفة، وليس المقصود حقيقة المس لأن ختان المرأة -كما قلنا- في أعلى الفرج، لا يمسه الذكر في الجماع، ولو وضع عليه فمسه، ولم تغيب الحشفة لا يجب الغسل بالإجماع، فمس الختان كناية عن إدخال الحشفة، ومثل هذا يقال في رواية "إذا التقى الختانان" ورواية "إذا جاوز الختان الختان" ورواية "إذا التقى الرفغان" -والرفغ ما حول فرج المرأة والأنثيين من الرجل- ورواية "إذا التقى المواسي" أي موضع المواسي، جمع موسى، آلة القطع وسيأتي إيضاح هذا الحكم في فقه الحديث.
-[فقه الحديث]-
قال النووي في شرح مسلم: اعلم أن الأمة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع، وإن لم يكن معه إنزال، وعلى وجوبه بالإنزال. ثم قال: فإيجاب الغسل لا يتوقف على نزول المني، بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب الغسل على الرجل والمرأة، وهذا لا خلاف فيه اليوم، وقد كان فيه خلاف لبعض الصحابة ومن بعدهم، ثم انعقد الإجماع على ما ذكرنا.
قال أصحابنا: ولو غيب الحشفة في دبر امرأة أو دبر رجل أو فرج بهيمة أو دبرها وجب الغسل، سواء كان المولج فيه حيا أو ميتا، صغيرا أو كبيرا، وسواء كان ذلك عن قصد أم نسيان وسواء كان مختارا أو مكرها أو استدخلت المرأة ذكره وهو نائم وسواء انتشر الذكر أم لا، وسواء كان مختونا أم أغلف، فيجب الغسل في كل هذه الصور على الفاعل والمفعول به، إلا إذا كان الفاعل أو المفعول به صبيا أو صبية، فإنه لا يقال وجب عليه، لأنه ليس مكلفا، ولكن يقال: صار جنبا، فإن كان مميزا وجب على الولي أن يأمره بالغسل، كما يأمره بالوضوء، فإن صلى من غير غسل لم تصح صلاته، وإن لم يغتسل، حتى بلغ وجب عليه الغسل وإن اغتسل في الصبا ثم بلغ لم يلزمه إعادة الغسل قال أصحابنا والاعتبار في الجماع بتغييب الحشفة من صحيح الذكر بالاتفاق، فإذا غيبها بكمالها تعلقت به جميع الأحكام ولا يشترط تغييب جميع الذكر بالاتفاق ولو غيب بعض الحشفة لا يتعلق به شيء من الأحكام بالاتفاق، إلا وجها شاذا منكرا متروكا، وأما إذا كان الذكر مقطوعا فإن بقي منه دون الحشفة لم يتعلق به شيء من الأحكام، وإن كان الباقي قدر الحشفة فحسب تعلقت الأحكام بتغييبه بكماله، وإن كان زائدا على قدر الحشفة، ففيه وجهان مشهوران لأصحابنا: أصحهما أن الأحكام تتعلق بقدر الحشفة منه، والثاني لا يتعلق شيء من الأحكام إلا بتغيب جميع الباقي، ولو لف على ذكره خرقة، وأولجه في فرج امرأة، ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا: الصحيح منها والمشهور أنه يجب عليهما الغسل، والثاني لا يجب، لأنه أولج في خرقة، والثالث إن كانت الخرقة غليظة تمنع وصول اللذة والرطوبة لم يجب الغسل وإلا وجب، ولو استدخلت المرأة ذكر بهيمة وجب عليها الغسل، ولو استدخلت ذكرا مقطوعا فوجهان أصحهما يجب عليها الغسل. والله أعلم.