زيد موجود فقال زيد موجود فقال له الشيح: أما أنا فلا أقول شيئًا فعرف الطالب ما وقع فيه فخجل. قال: وقال لي: كنت عند القاسم بن محمد الصنهاجي إذ وردت عليه رقعة من القاضي أبي الحجاج الطرطوشي فيها خيرات ما تحتويه مبذولة، ومطلبي فيها تصحيف مقلوبها فقال لي مطلبه فقلت نارنج- اهـ.
أي فإن مقلوبه تاريخ وتصحيفه نارنج، قال أيضًا: وسمعته يقول: إنما أفسد العلم كثرة التآليف وأذهبه بنيان المدارس وكان ينتصف من المؤلفين والبانين وأنه لكما، قال بيد أن بها شرحه طولًا وذلك أن التأليف نسخ الرحلة التي هي أصل جمع العلم فكان الرجل ينفق فيها مالًا كثيرًا وقد لا يحصل له من العلم إلا نزر يسير، لأن غايته على قدر مشقته في طلبه، ثم يشتري أكبر ديوان بأبخس ثمن فلا يقنع منه أكثر من موقع عوضه فلم يزل الأمر كذلك حتى نسى الأول بالآخر وأفضى الأمر إلى ما يستخرج منه الساخر، وأما البناء فلأنه يجذب الطلبة لما فيه من مرتب الجرايات فيقبل بهم على ما يعنيه أهل الرئاسة للإجراء والإقراء منهم أو من يرضى لنفسه دخوله في حكمهم، ويصرفهم عن أهل العلم حقيقة الذين لا يدعون إلى ذلك وإن دعوا لم يجيبوا وإن أجابوا لم يوفوا لهم بما يطلبون من غيرهم- اهـ.
قلت: ولعمري لقد صدق في ذلك وبرّ فلقد أدى ذلك لذهاب العلم بهذه المدن الغريبة التي هي من بلاد العلم من قديم الزمان كفاس وغيرها حتى صار يتعاطى الإقراء على كراسيها من لا يعرف الرسالة أصلًا، فضلًا عن غيرها بل من لم يفتح كتابًا للقراءة قط فصار ذلك ضحكة، وسبب ذلك أنها صارت بالتوارث والرئاسات، أعاذنا اللَّه حتى خلت هذه الساعة عمن يعتمد عليه في علمه مصداق قوله ما ورد في ذلك.
قال المقري: ولقد استباح الناس النقل من المختصرات الغريبة أربابها ونسبوا ظواهر ما فيها لأمهاتها، وقد نبه عبد الحق في التعقيب على منع ذلك لو كان من يسمع، وذيلت كتابه بمثل عدد مسائله أجمع ثم تركوا الرواية فكثر