فانصرف فألقى عليّ من الفطنة وحسن البديهة ما لم أعهد مثله من نفسي قبل، فجعلت مكان يحب يسب، ورجعت لموضعي فجاء الرافض فوجده كما اصلحته فالتفت يمينًا وشمالًا كأنه يطلب من صنعه ولم يتهمني فأعياه ذلك وانصرف.
ومنها: قال: سمعت الابلي يقول: سمعت أبا عبد اللَّه بن رشيد يقول: إن خطيبنا بتلمسان كان يقول في خطبته: من يطع اللَّه ورسوله فقد رشد، بالكسر، وكان الطلبة ينكرون عليه فلا يرجع، فلما قفلت من رحلتي تلك دخلت على الأستاذ ابن أبي الربيع بسبتة فهناني بالقدوم وقال لي فيما قال رشدت بابن رشيد ورشدت لغتان صحيحتان حكاهما يعقوب في الاصلاح، قال المقري: وهذه كرامة للرجلين أو الثلاثة.
ومنها: قال: من عجائب تفسير الرؤيا أن أبا عبد اللَّه القرقوني كان في سجن السلطان يوسف بن عبد الحق مع غيره من التلمسانيين أيام حصره فرأى أبا جمعة علي الجرائحي منهم كأنه قائم على سانية دائرة وجميع أقداحها وأقواسها تصب في نقير في وسطها، فجاء يشرب فاغترف الماء كذا فيه فرث ودم فأرسله واغترف فإذا هو كذلك ثلاثًا أو أكثر، ثم عدل إلى خصة ماء فجاءها وشرب منها ثم استيقظ وهو في النهار فأخبره فقال: إن صدقت الرؤيا فنحن على قليل خارجون من هذا السجن قال كيف؟ قال: الساقية الزمان والنقير السلطان وأنت الجرائحي تدخل يدك في جوفه فينالها الفرث والدم، وهذا لا نجاح معه فلم يكن إلا ضحوة الغد فإذا النداء عليه فخرج فوجد السلطان مطعونًا بخنجر فأدخل يده في جوفه فناله الفرث والدم فخاط جراحته وخرج فرأى خصة ماء فغسل يده وشرب، فلم يلبث السلطان أن توفي وسرح المسجونون.
ومنها: قال: شهدت الشمس ابن قيم مقيم الحنابلة بدمشق، وهو أكبر أصحاب ابن تيمية وقد سئل عن حديث "من مات له ثلاث من الولد كانوا له حجابًا من النار" كيف إن أتى بعدها بكبيرة؟ فقال: موت الولد حجاب