والكبيرة خرق لذلك الحجاب، وإنما يحجب الحجاب إذا لم يخرق فإذا خرق لم يكن حجابًا بدليل حديث "الصوم جنة ما لم يخرقها".
ومنها: قال: سألني السلطان عمن لزمته يمين على نفي العلم فحلف جهلًا على البت هل يعيد أم لا فأجبته بإعادتها، وقد أفتاه من حضر من الفقهاء بأن لا تعاد لأنه أق بأكثر مما أمر به على وجه يتضمنه فقلت له: اليمين على وجه الشك غموس، قال ابن يونس: الغموس الخلق على تعمد الكذب، أو على غير يقين، ولا شك أن الغموس محرمة منهي عنها، والنهي يدل على الفساد، ومعناه في العقود عدم ترتب أثره فلا أثر لهذه اليمن فوجب أن تعاد، وقد يكون من هذا اختلافهم فيمن أذنها السكوت فتكلمت هل يجتزئ بذلك؟ والإجزاء هنا أقرب لأنه الأصل والصمات رخصة لغلبة الحياء.
فإن قلت: البت أصل وإنما يعتبر نفي العلم إذا تعذر.
قلت: ليس رخصة كالصمات.
ومنها: قال: سألني بعض الفقراء عن سوء بخت المسلمين في ملوكهم إذ لم يل أمرهم من سلك بهم الجادة وحملهم على الواضحة، بل يغتر في صلاح دنياه غافلًا عن عقباه فلا يرقب في مؤمن إلّا ولا ذمة ولا يراعي عهدًا ولا حرمة، فأجبته بأن ذلك، لأن الملك ليس في شريعتنا بل كان شرع من قبلنا قال تعالى: ممتنًا على بني إسرائيل: {وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} ولم يقله في هذه الأمة بل جعل لهم خلافة، قال تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ} الآية، وقال تعالى:{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} وقال سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا} فجعلهم ملوكًا، ولم يجعل لنا إلا الخلفاء فأبو بكر خليفة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما فهمه الناس عنه فهمًا وأجمعوا على تسميته بذلك، ثم استخلف عمر فخرج بها عن سنن الملك الذي يرثه الولد عن والده إلى سنن الخلافة الذي هو النظر والاختيار، ونص في ذلك على عهده، ثم اتفق أهل الشورى على عثمان فأخرجها عمر عن بنيه إلى الشورى دليلًا على أنها ليست ملكًا، ثم تعين على بعد إذ لم يبق مثله فبايعه من آثر الحق على الهوى والآخرة على الدنيا، ثم الحسن كذلك ثم كان معاوية