وقال: اللهم كما عززتني به في الدنيا فاعززني به في الآخرة، ورآه بعض الصلحاء بعد موته فقال له أين أنت؟ فقال في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وتأسف لموته السلطان، وقال لولده عبد اللَّه ما مات من خلفك وإنما مات أبوك لي لأني أباهي به الملوك، ثم أعطاه الدرسة ورتب له جميع مراتبه -اهـ- ملخصًا من الجزء المذكور.
فائدة:
سئل -رحمه اللَّه- عن غرناطة عن قول الإمام المرجوع عنه وما نقله أهل المذهب عنه في مسألة واحدة قولين مختلفين وثلاثة يقولون: وقع له في المدونة كذا وفي الموازية كذا ويعتقدونها خلافًا فيفتون بها من غير تعيين للمتأخر منها يجب الأخذ به من المتقدم الذي يترك مع التقليد لصاحبها وهو واحد مع اتفاق أهل الأصول على أنه إذا صدر القولان عن عالم لم يعلم المتأخر منهما لا يؤخذ بواحد منهما لاحتمال كون المأخوذ المرجوع عنه، فصارا كدليلين نسخ أحدهما فلم يعلم بعينه لا يعمل بمقتضى واحد منهما، وأما المجتهد فيأخذ برأيه من حيث اجتهاده، وقد وقعت هذه عندنا وتردد النظر فيها أيامًا فلم يوقف إلا أن الضرورة داعية إلى ذلك وإلا ذهب معظم فقه مالك ومستند الأخذ مع الضرورة أن مالكًا لم يقل بالأول إلا بدليل وإن رجع عنه فيأخذ به من حيث الدليل وأيضًا غالب أقواله قال بها أصحابه، فيعمل بها من حيث اجتهادهم، وأيضًا فجميع المصنفين سطروا هذه الأقوال وأفتوا بها من غير تعرض لهذا الاشكال فبعيد اجتماعهم على الخطأ، هذا ما ظهر لنا. وقد أجاب القرافي عن هذا الأخير في شرح التنقيح بما في علمهم، فأجاب -رحمه اللَّه- اعلموا أن المجتهد إما مطلق وهو من اطلع على قواعد الشرع وأحاط بمداركها ووجوه النظر فيها، فهو يبحث عن حكم نازلة بنظره في دلالتها على المطلوب فينظر في معارض المسند والتخصيص والتقييد والترجيح وغيرها إن لم يعلم المتأخر فيعمل بالراجح أو الناسخ حيث ظهر، ويصير المتقدم لغوًا كأنه لم يذكر البتة هذا نظره.
وأما مجتهد في مذهب معين وهو من اطلع على قواعد إمامه وأحاط