الموحدين وأقام بها حتى هلك أبو يحيى سنة سبع وولي ابنه خالد.
ثم لما تولى أبو العباس الأمر بعد قتله خالدًا وبينه وبين ابن مرزوق شيء لميله مع ابن عمه محمد صاحب بجاية عزله عن الخطبة فوجم لها فأجمع الرحلة للشرق وسرحه السلطان فركب السفينة للاسكندرية ثم للقاهرة ولقي أهل العلم وأمراء الدولة فنفقت بضاعته عندهم وأوصلوه للسلطان الأشرف فولاه الوظائف العملية موفر المرتبة معروف الفضيلة مرشحًا للقضاء ملازمًا للتدريس حتى هلك سنة إحدى وثمانين -اهـ- ملخصًا.
وقال في الإحاطة: كان من طرف دهره ظرفًا وخصوصية ولطافة، مليح التوسل حسن اللقاء مبذول البشر كثير التودد نظيف البزة لطيف التأتي خير البيت، طلق الوجه حلو اللسان طيب الحديث مقدر الألفاظ عارفًا بالأبواب دربًا بصحبة الملوك والأشراف، ممزوج الدعابة بالوقار والفكاهة بالنشك والحشمة والبسط، عظيم المشاركة لأهل وده والتعصب لإخوانه، ألفًا مألوفًا كثير الأتباع غاص النزاع بالطلبة منقادًا للدعوة بارع الخط أنيقه، عذب التلاوة متسع الرواية مشاركًا في فنون من أصول وفروع وتفسير يكتب ويشعر ويقيد ويؤلف فلا يعدوه السداد في ذلك، فارس منبر غير جزوع ولا هيابة، رحل للشرق في كنف وحشمة مع والده فحج وجاور ولقي جلة ثم فارقه.
وقد عرف حقه بالشرق ورجع للغرب فاشتمل عليه أبو الحسن وجعله مفضي وإمام جمعه وخطيب منبره وأمين رسالته، وقدم الأندلس وسط عام اثنين وخمسين فقلده سلطانها خطبة مسجده وأقعده للإقراء بمدرسته، ثم صرف عنه جفن سره من أسره من أسلوب طماح ودالة فاغتنم الفترة وانتهز الفرصة فانصرف عزيز الرحلة مغبوط المنقلب في شعبان عام أربعة وخمسين فاستقر عند أبي عنان في محل تجلة وبساط قربة مشترك الجاه مجري التوسط -اهـ- ملخصًا.
قال الحافظ ابن حجر: ولما وصل تونس أكرم إكرامًا عظيمًا فخطب ودرس في أكثر المدارس ثم قدم القاهرة فأكرمه الأشرف شعبان ودرس