أول عام من هذا القرن، وسبب القراءة ما أصاب أمير الؤمنين حجة اللَّه على السلاطين أبا فارس بجبل أوراس فأمر بقراءته لأنه ترياق الشدائد فقرئ كذلك، ثم أجازا كل من حضر أو مهدي بقراءته والشيخ الإمام بالقراءة عليه- اهـ.
قال ابن الأزرق: وأفادني الفقيه العالم المتفنن أبو الحسن القلصادي قال: أفادني شيخنا الإمام العلامة محمد بن عقاب وغيره من علماء تونس أن الإمام آخرًا بالفقه خصوصًا من حين تولى الفتيا بعنى بالمدونة غاية ملازمًا لنظرها.
قرأ بالسبع على ابن سلمة من طريق الداني وابن شريح وعلي بن برا من طريق الداني وأصول الدين على ابن سلمة وابن عبد السلام وأصول الفقه على ابن علوان والنحو على ابن نفيس والجدل على ابن الحباب، والفقه على ابن عبد السلام وسائر المعقولات على الشيخ الابلي، وكان يثني عليه كثيرًا ويقول: إنه لم ير ممن قرأ عليه مثله والشريف التلمساني.
ولي إمامة جامع الزيتونة عام ستة وخمسين وخطابته عام اثنين وسبعين والفتوى عام ثلاثة وسبعين، وابتدأ تصنيف المختصر الفقهي عام اثنين وسبعين وكمله عام ستة وثمانين، واستخلف، حين حج، على الإمامة قاضي الجماعة عيسى الغبريني وعلى الخطابة الولي الصالح أبا عبد اللَّه البطروني وعاد لخططه عام ثلاثة وتسعين لما رجع إلا موته، وكان مجدودًا في دنياه موسعًا عليه فيها، مالًا وجاهًا ونفوذ كلمة- اهـ.
وقال تلميذه أبو حامد بن ظهيرة المكي في معجمه: هو إمامة علّامة برع أصولًا وفروعًا وعربية ومعاني وبيانًا وقراءة وفرائض وحسابًا، رأسًا في العبادة والزهد والورع ملازمًا للشغل بالعلم، رحل إليه الناس وانتفعوا به ولم يكن بالمغرب من يجري مجراه في التحقيق ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له، تأتي إليه الفتوى من مسيرة شهر، له مؤلفات مفيدة، لم يخلق بعده مثله- اهـ.