وذبح فوصل إليه ملقى على الأرض فبكى وقال: لا إله إلا اللَّه أين الروح التي يجري بها؟!.
وسمعته يقول: ينبغي للإنسان أن يمشي برفق وينظر أمامه لئلا يقتل دابة في الأرض وإذا رأى من يضرب دابة ضربًا عنيفًا تغير وقال لضاربها، ارفق يا مبارك، وينهي المؤدبين عن ضرب الصبيان، وسمعته يقول: للَّه تعالى مائة رحمة لا مطمع فيها إلا لمن اتسم برحمة جميع الخلق وأشفق عليهم، وما رأيته قط دعا على أحد إلا مرة رأى في مسكن منكرًا لا يقدر على صبره فغضب ودعا عليه بالجلاء فنفذ في أقرب مدة.
وأتاه في مرضه بعض من يذمه من علماء عصره فطلب منه أن يسمح له، فغفر له ودعا له، ولما مات بكى عليه هذا العالم شديدًا وتألم ومتى ذكره بكى ويقول: فقدت الدنيا بفقده، وسمعته يثني كثيرًا على رجلين من علماء عصره ممن يذمونه ويسيئون إليه، وكان يصلح بين الخصام ويقضي الحوائج، ذكر أنه كتب يومًا ثلاثين كتابًا بلا فترة، قال: كلفني بها إنسان لم أقدر على ردها قال: ولو كان إنسان ينسخ مثل هذا في كل يوم لظفر بعدة أسفار وهذه مصائب ابتلينا بها.
ومن صبره كثرة وقوفه مع الخلق ولا يفارق الرجل حتى ينصرف وهذا كله مع إدامة الطاعات وسواء الطريقة وشدة التحرز والإسراع بوفاء حقوق العباد قبل استحقاقها، إذا أعار كتابًا رده في أقرب مدة قبل طلب صاحبه وربما كان سفرًا ضخمًا لا يمكن مطالعته إلا في ثلاثة أيام فيطالعه يومًا واحدًا ويرده.
وكان يأمر أهله بالصدقة سيما وقت الجوع ويقول: من أحب الجنة فليكثر الصدقة خصوصًا في الغلاء، كثير التصدق بيده ويكثر الخروج للخلوات ومواضع الخرب الباقية آثارها للاعتبار، وإذا رأى ما كان منها متقنًا ذكر حديث رحم اللَّه عبدًا صنع شيئًا فأتقنه ويقول: أين سكانها وكيف يتنعمون؟