وذكره تلميذه ابن طولون في «سكردانه» وأطال في ترجمته وقال: قال شيخنا الجمال بن المبرد: طلب الحديث بنفسه فسمع على خلائق من أصحاب الصّلاح بن أبي عمر، وأصحاب أبي بكر بن المحبّ، وأصحاب أبي حفص بن أميلة، وأصحاب عائشة بنت عبد الهادي، ووضع لنفسه «ثبتا» في مجلّدين (١)، وولي نيابة القضاء، وله اعتناء عظيم بعلم الحديث ومعرفة تامّة في أسماء الرّجال، وأخذ عن أكثر من مائتي شيخ.- انتهى-.
وحصّل كتبا كثيرة في هذا الفنّ، غالبها أصول، وأجزاء شتّى غالبها وقف المدرسة الضّيائيّة بسفح قاسيون، بواسطة والده فإنّه كان له اعتناء بهذا الشّأن، وأجازه أبو الفضل ابن حجر سنة ٨٢٩، وهو أخو الحافظ ناصر الدّين كذا قال، والحافظ ناصر الدّين هذا قال ابن حجر في ترجمته: هو محمّد بن عبد الرّحمن بن محمّد بن أحمد بن سليمان بن حمزة المقدسيّ ناصر الدّين بن زريق، وذكر ترجمته إلى أن قال: توفّي في ذي القعدة سنة ٨٠٣.- انتهى-.
وسمع بدمشق على حافظها أبي بكر بن ناصر الدّين «الصّحيحين» ومن لفظه «الثّقفيّات» و «جزء أبي الجهم» وغير ذلك ممّا يعسر استيعابه الآن، وبه تخرّج، وحكى لنا عنه شيخنا أنّه كان ساكنا بمحلّة مسجد القصب خارج دمشق، وكانت له زوجتان إحداهما شابّة والأخرى كبيرة، وكان يأتي إلى منزلنا بالصّالحيّة للقراءة عليه فإذا كانت تلك اللّيلة ليلة الشّابّة مكّنّاه من الذّهاب، وإلّا بيّتناه عندنا لنقرأ عليه تلك اللّيلة ويومها. وكتب عنه جلّ تصانيفه
(١) وثبت ناصر الدّين هذا لم يذكره الكتّاني في «فهرس الفهارس». ولديّ نسخة منه بخطّه- ولله المنّة- تفضّل بها عليّ الأخ الشيخ نظام اليعقوبي أحسن الله إليه.