للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأجبته فقال لي: لا، أخاف عليك من كلام النّاس، لأنّك قبيليّ وأنا لست بقبيليّ (١)، وهذا عند النّاس مستنكر، فقلت: لا أسأل عن كلام النّاس، فقال ٢١٦/ لا أرضى أن يتكلّم فيك أحد/ وقال: لمّا عزمت على الرّحلة لسكنى الحرمين الشّريفين عذلني وقال لي: أين تفارق أصحابك تستوحش لهم ويستوحشون لك؟ ولا تجد من يذاكرك بالفقه، وكلاما من هذا القبيل، فلم ألتفت، فلمّا رآني مصمّما بكى، وقال: يا ليتني شعرة في جسدك، فكاد ينخلع قلبي لفراقه، وكدت أرجع عن عزمي، ولكن سبق في علم الله مجاورتي، فخرجت ومررت في طريقي بسوق الشّيوخ، فعرض عليّ شيخ المنتفق الإقامة عندهم، ورغّبني بكلّ طريق، فلم أمل إلى ذلك، فألحّ عليّ وقال: إذا مات قاضينا نولّيك قضاء بلادنا فجاريته على مقدار عقله، وقلت له: اكتب لي صكّا أنّي أعيش بعده، فعرف غفلته، وسرت إلى أن وصلت المدينة المنوّرة وأخذت عن علمائها كالشّيخ مصطفى الرّحمتي وغيره، وفي الحديث وفي الفقه عن الشّيخ أحمد ابن رشيد الحنبليّ، وقد أخذت عن شيخه علّامة الزّمن الشّيخ محمّد بن فيروز حين قدم علينا البصرةلسكناها، وأجازني فقد شاركت الشّيخ أحمد في بعض مشايخه، فصرت أنا مقرئ دروسه مدّة، ثمّ هجم علينا سعود فصانعهم الشّيخ أحمد (٢)، وسلك معهم، وقطعت حضور دروسه من يومئذ


(١) القبيليّ- عند أهل نجد-: هو الذي ينتمي إلى أرومة عربيّة، فينسب إلى قبيلة عربيّة معروفة. وغير القبيلي: هو الذي إمّا لا ينتمي إلى قبيلة عربيّة، وإمّا لم يحفظ انتماؤه إليها.
(٢) ذكرنا في ترجمة «أحمد بن رشيد الأحسائي» زيف كلام المؤلّف- عفا الله عنه--