والخير، ومهما رأى مسكينا وثب إليه ولم يردّه، وكان يدان على ذمّته، ويتصدّق، وعذل في ذلك فلم يلتفت لعاذله، ويأتيه رزقه من حيث لم يحتسب، وكان يوم الجمعة إذا خرج من المسجد تأتيه الفقراء ويتصدّق عليهم، ويقول: إنّي لأستحي من الله أن يسألني سائل وعندي شيء موجود فأردّه، ولا أطيق ذلك، سليم الصّدر، نصوح، قائم بأعباء الشّريعة، ذو مشرب من منهج الصّوفيّة، لم يكن في جهتنا له مثيل، بل ولا في غيرها، إليه تشدّ اليعملات، وتنزل الحاجات، ذو نفس مباركة على الطّلب، قلّ من قرأ عليه واجتهد إلّا أدرك العلم، لحسن نيّته ولا قرأ عليه أحد إلّا كان في بيته يعوله مع عياله ويقول: لا يدرك من جماعتي أحد العلم إلّا إذا كنت أعوله في بيتي، وكان كذلك، وكان يؤثر على نفسه ويعول في بيته نيّفا وسبعين نفسا ولا ضاقت به الأمور [إلّا] فرّجها ربّه، كثير الرّضا بالقضاء والتّسليم لأمر مولاه قام في نصر الدّين وقمع بدعة أهل العارض المارقين حتّى بذل عليه طاغيتهم (١) خمسمائة أحمر ذهبا لمن يقتله وتسوّروا عليه بيته ليلا فلم يمكّنهم الله منه، وزاد بعد ذلك في الرّدّ عليهم والإنكار، حفظه الله بلطفه، وله تآليف حسنة وأشعار رائقة فمن تآليفه في معرفة المنازل والبروج اسمها:«عجالة المستعجل» نحوا من ثلاثمائة بيت وتأليف في الحساب والجبر والمقابلة وكان يحفظ من المناظيم العلميّة شيئا كثيرا من ذلك «ألفيّة ابن مالك» و «ألفيّة
(١) ما فتئ المؤلف يدور في فلك الموتور، وتكرير القدح الباطل المذموم المملول لأدنى مناسبة تمر به، ولم يذكر في أي موضوع حجة حتى نناقشها، لكنه هجوم الأعزل، فإلى الله المشتكى والله الموعد. وانظر: التعليق على الترجمة رقم ٣٣.