للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التبس، ونظم ونثر، وبحث ونظر، واستقرّ في حياته في إفتاء دار العدل، وتدريس الفقه بالشّيخونيّة، ثمّ في قضاء الحنابلة بالدّيار المصريّة، لاتّفاقهم على تقدّمه على سائر حنابلتها، وسار فيه أحسن سيرة، وترقّى في سائر أوصافه علما، وفهما وخبرة بالأحكام/ التّامّة، وحسن نظر في المكاتيب، وعقلا، ومدارة، واحتمالا، وتواضعا، وعفّة، ومحاسن جمّة، حتّى خضع له شيخ حنابلة الشّام العلاء المرداويّ حين راسله يتعقّب عليه أشياء وقعت في تصانيفه، وأذعن لكونه مخطئا فيها، والتمس منه المزيد من بيان ما يكون من هذا القبيل، ليحصّل بذلك الأجر والثّواب، وقد كتب بخطّه جملة، وأجاب في عدّة وقائع بما استحسنت كتابته فيه، كلّ ذلك بحسن تصوّره، وجودة تدبّره، وعندي من فوائده القديمة والحديثة ما تطول التّرجمة ببسطه، ومع ذلك فكان قاضي الحنفيّة الشّمس الأمشاطيّ يناكده ويتحيّل عليه في الاستبدالات، ويروم؛ إمّا اختصاصه بها، أو اشتراكه معه فيها، مع مزيد إجلاله والتّنويه به، ومساعدته قبل الولاية وبعدها، وكونه السّبب في عزل ابن الشّحنة واستقراره، عقب توقّفه عن الموافقة له في بعض القضايا، ولم يزل يسترسل في المناكدة إلى أن اتّفقت قضيّة مشعرة بمعارضة للملك فانتهز الفرصة ودسّ من لبس بحيث صرفه، ثمّ أعاده بعد أيّام وللأتابك فيه اليد البيضاء، وتزايد السّرور بعوده، ولم يلبث أن مات الحنفيّ فتزايد في الارتقاء، ودعوت له بطول البقاء، وأثنى عليه السّلطان فمن دونه، واستقرّ في نقابته التّقيّ ابن الفزاريّ الحنفيّ سنة ٩٠، ثمّ صهره الرّضي الإسحاقيّ، وكلاهما أجاد، وقرأ عليه غير واحد من الفضلاء في العربيّة وغيرها وحدّث ب «مسند