للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغيره، فمهر في ذلك المهارة التّامّة بحيث اشتهر بذلك في عصره، وأقرّ له أهله فيها، وكان يتوقّد ذكاء، قلّ علم إلّا وله فيه يد، حتّى الأوفاق والزّايرجة والرّوحانيّات، لكنّه مائل إلى معاشرة الأمراء والأحداث، وله معهم مماجنات لا تليق، ولو تصوّن لكان نادرة عصره؛ لما حازه من الفنون المتداولة وغيرها، وقد سمعت رفقاءه في الطّلب من فضلاء بغداد ومنهم مفتيها العلّامة البارع السّيّد محمود الآلوسيّ يصفونه بشدّة الذّكاء البالغ، وكرم النّفس، وحسن العشرة، وحجّ سنة … من طريق البرّ فوصل إلى مكّة في شوّال، وحضر دروس علّامتها الشّيخ عبد الله سراج (١) في التّفسير والحديث فأورد عليه أوّل ما حضر سؤالا في الحديث فلم يستحضر الشّيخ الجواب، فأخذ الكرّاس من المحفظة وطالع فيه وأجابه، وكان قد سمع بوصوله ووصف له بقصر القامة، والتّوسّط في الملبوس، فلمّا رأى سؤاله متينا تفرّس فيه أنّه هو فقال: أأنت فلان؟ فقال: نعم، فلمّا ختم الشّيخ الدّرس قام إليه وحيّاه، وذهب به إلى بيته وأضافه ذلك اليوم، فجرت بينهما مباحثات دلّت الشّيخ على صدق ما وصف به من شدّة الذّكاء والاستحضار، وعزّ في عينه وأعين أقرانه، ومن الغد جاء تلامذة الشّيخ إلى المذكور في بيته للسّلام عليه، وسألوه واستفادوا منه، وعجزوا عن مجاراته/ في المباحثة، فسلّموا له، ثمّ قال لهم: إنّ الشّيخ ترك البارحة في تقريره في التّفسير وجها من علم الهندسة ممّا في الآية وهي قوله


(١) عبد الله بن عبد الرّحمن سراج- بكسر السين وتخفيف الرّاء- الحنفي المكي.
أخباره في «المختصر من نشر النّور والزّهر»: (٢٩٧).