للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بلدان الوشم وقرأ على قاضيها الشّيخ عبد العزيز الحصيّن بالضّمّ- تصغير حصان- وهو أعلم منه بكثير، فصار القاضي يحيل عليه في كثير من القضايا، ثمّ أرسله أمير نجد تركي بن سعود (١) في سنة ١٢٤٨ إلى بلدنا عنيزة قاضيا عليها وعلى جميع بلدان القصيم على عادته في إرسال القضاة من عنده تشبّها بالسّلطان في إرساله القضاة من اصطنبول وبئست البدعة (٢) لعن الله من ابتدعها فإنّها في ممالك الدّولة مشتملة على قواصم جمّة نسأل الله رفعها فإنّه لا يعجزه شيء ولا يؤده، وكان أهل البلد كارهين لذلك ظنّا منهم أنّه كالقضاة السّابقين فلمّا رأوا علمه وعدله وسمته وعبادته أحبّوه، وقرأ عليه طلبتهم وكنت إذ ذاك صغيرا عن القراءة عليه عمري اثني عشر سنة، فأحضر مع بعض أقاربي للاستماع خلف الحلقة، ثمّ إنّه رجع إلى بلده، فلمّا قتل تركي وتولّى ولده فيصل وانجلت شدّتهم صار لأهل عنيزة نوع اختيار فرغبوا في المذكور أن يكون لهم قاضيا ومفتيا ومدرّسا وخطيبا وإماما، فركب أميرهم وجماعة معه


(١) هو الإمام الشّجاع المقدام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود ولي الحكم بعد خراب الدّرعيّة وطرد فلول الأتراك ومعاونيهم من نجد بفترة، وحصّنها وأعاد إليها قوتها ومنعتها، وضمّ إليها الأحساء ودانت له بالطاعة؛ لحكمته وشجاعته ومروءته وكرمه وديانته، وأقام العدل والشرع، وكبت الأعداء ونشر عقيدة السّلف وأحيا ما اندثر من المآثر، وبقي في الحكم دون منازع حتى قتل غيلة سنة ١٢٤٩ هـ رحمه الله رحمة واسعة.
(٢) لا أعتقد أنّ هناك بدعة فالحاكم الشّرعيّ وهو رئيس القضاة في الدّولة، هو الذي يعين القضاة الذين يعتقد فيهم الصّلاح والكفاءة وليس في هذا محذور ولا مخالفة نصّ شرعيّ، ورئيس القضاة هذا هو نائب السّلطان في هذا الأمر.