للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجاءوا به وبعياله وتبعه كثير من أصهاره، فلمّا قدم عنيزة هرع أهلها للسّلام عليه وأقاموا له الضّيافة نحو شهر، وشرعوا في القراءة عليه فشرعت مع صغارهم في ذلك إلى أن أنعم الله وتفضّل فقرأت مع كبارهم «شرح المنتهى» مرارا، وفي صحيحيّ البخاريّ ومسلم، و «المنتقى» وقرأت وحدي «شرح مختصر التّحرير» في أصول الفقه و «شرح عقيدة السّفّارينيّ» الكبير، ومع الغير (١) في رسائل عقائد ك «الحمويّة» و «الواسطيّة» و «التّدمريّة» وكان يقرّر تقريرا حسنا، ويستحضر استحضارا عجيبا، فإذا قرّر مسألة يقول: هذي (٢) عبارة «المقنع» مثلا وزاد عليها «المنقّح» كذا ونقص منها كذا، وأبدل لفظة كذا بهذه، مع شدّة التّثبّت والتّأمّل إذا سئل عن مسألة واضحة لا تخفى على أدنى طلبته تأنّى في الجواب حتّى يظنّ الجاهل أنّه لا يعرفها، والحال أنّه يعرف من نقلها ومن رجّحها، ومن ضعّفها، ودليلها، وأمّا اطّلاعه على خلاف الأئمة الأربعة بل وغيرهم من السّلف والرّوايات والأقوال المذهبيّة فأمر عجيب، ما أعلم أنّي رأيت في خصوص هذا من يضاهيه، بل ولا من يقاربه. وكان جلدا على التّدريس، لا يملّ ولا يضجر، ولا يردّ طالبا في أيّ كتاب، كريما، سخيّا، يأتيه كثير من أهل سدير والوشم برسم القراءة عليه فيقوم بكفايتهم سنة أو أكثر أو أقلّ، ساكنا، وقورا، دائم الصّمت، قليل الكلام في كلّ شيء، كثير العبادة والتّهجّد، مواظبا على درسي وعظ، بعد العصر وبين العشائين في المسجد الجامع، قليل المجيء إلى النّاس، وكان في أيّام سعود وأخذه


(١) الأصل عدم دخول الألف واللام على لفظ (غير).
(٢) كذا جاء في الأصل ولها وجه صحيح.