قول المؤلّف- عفا الله عنه-: «ولم تدخل في قلبه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهّاب … » هذا كلام في غاية السّقوط فهل شقّ عن قلبه ليعلم أنّه دخلته دعوة الشّيخ أو لم تدخله؟! ولا يرد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهّاب إلا مريض قلب، لأن دعوته هي تحقيق معنى الشهادتين والرجوع في فهم ذلك إلى الكتاب والسنة، وأقوال سلف الأمة الصالح فهل يتردد مؤمن بالله واليوم الآخر في قبول هذا؟! ومحمد ابن عبد الوهّاب رحمه الله لم يدع الناس إلى اتباع أقواله وآرائه هو، بل دعوته لتحقيق العقيدة، وعودة الأمة إلى دينها الصحيح: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ [آل عمران: ٨٥] لذا لا يرضى هو أن ينسب أيّ إصلاح وتجديد لنفسه، كما أنّ أنصاره وأتباعه لا يرضوا أن ينسبوا إليه وكأنّهم أصحاب طريقة، أو ابتداع، لأنهم ينتسبون إلى منهج سلف الأمة من الصّحابة والتّابعين والّذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدّين، متمسكين بقول الله جلّ جلاله: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا … [المائدة: ٩٢]، وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: ٧]، هذا منهج أتباع الشّيخ محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله في الأصول، وهم في الفروع حنابلة يقلّدون مذهب الإمام أحمد، وهو أحد المذاهب الأربعة رضي الله عنهم أجمعين، وهم في تقليدهم المذهب المذكور غير متعصّبين، ولا مغالين في التقليد فإذا ثبت الدّليل الواضح على مخالفة المذهب أخذوا بما يعضده الدّليل، مقتفين أثر شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني رحمه الله، وتلميذه ابن القيم في الأصول والفروع معا وأمثالهما من علماء السّلف.-