للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المشهور المنعوت «منتهى الإرادات» (١) حرّر مسائله على الرّاجح من المذهب، فاشتغل به عامّة طلبة الحنابلة في عصره، واقتصروا عليه وقرئ على والده مرّات بحضرته، فأثنى على المؤلّف، وشرحه المصنّف شرحا مفيدا في ثلاث مجلّدات أحسن فيه ما شاء، وألّف مختصرا في الأصول، وشرحه ومؤلّفا في علم الحديث، وانفرد بعد والده بالإفتاء والتّدريس بالأقطار المصريّة، ثمّ بعد وفاة شيخنا الشّهاب الشّويكيّ بالمدينة المنوّرة، وتلميذه العلّامة الشّيخ موسى الحجّاويّ بالشّام انفرد- فيما أعلم- في سائر أقطار الأرض، وقصد بالأسئلة من البلاد الشّاسعة كاليمن وغيره، وتصدّى لنفع المسلمين بالمدرسة الصّالحيّة بخطّ بين القصرين، مكان مسكنه بخلوة الحنابلة، وكانت أيّامه جميعا اشتغالا بالفتيا، أو بالتّدريس، أو بالتّصنيف، مع جلوسه في إيوان الحنابلة للقضاء، وفصل الأحكام، وربّما لمته في ذلك فيعتذر بفقره وكثرة العيلة، واستنابه والده في وظيفة أقضى القضاة حين توجّه السّلطان الغوري إلى مرج دابق، وحجّ قبل بلوغه صحبة والدته، وجاور بمكّة، ثمّ حجّ لقضاء الفرض في عام خمس وخمسين على غاية من التّقشّف والتّقلّل من زينة الدّنيا، وعاد مكبّا على ما هو بصدده من الفتيا والتّدريس، لانفراده بذلك، وبالجملة فلم يكن من يضاهيه في مذهبه، ولا من يماثله في


(١) بعدها في «الدرر الفرائد»: «ثم أشرت عليه بشرحه فكتب عليه شرحا مفيدا في ثلاث مجلدات أحسن فيه ما شاء ورسمته بعد وفاته ب «منهل الإفادات».».
أقول: شرحه الذي وقفت عليه اسمه: «معونة أولي النّهى شرح المنتهى» وهو موجود في المكتبة الأزهرية: ٥٧٤ (٤٧٨١٢) وغيرها.