منصبه، وكان قلمه أحسن من لفظه، وله في تحرير الفتاوى اليد الطّولى، والكتابة المقبولة/ على الوجه الصّحيح الأولى، وكان ربع فوائده بفضائله وفواضله مأهولا، ولطالما سمعت على والده بقراءته كتبا عديدة، جليلة مدّة سنوات مديدة، منها «المقنع» للشّيخ الموفّق ابن قدامة و «المحرّر» للمجد ابن تيميّة، وسمعت أنا وهو والشّهاب المقدسيّ غالب كتاب «الفروع» لابن مفلح بقراءة الشّهاب البهوتيّ، مع الملازمة لمنزل والده بحارة برجوان، وبدروس المدارس وغير ذلك من كتب الفقه والأصول وآلات ذلك، ولم يزل مكبّا بعد والده على تقرير مذهب الإمام أحمد، وتحريره على الوجه الأنبل الأحمد، إلى أن تمرّض خمسة عشر يوما بمرض الزّحير، وكانت وفاته عصر يوم الجمعة ثامن عشر صفر سنة ٩٧٢ فتأسّف عامّة النّاس والفقهاء على وفاته، وأكثروا من التّرحّم عليه، ولم يخلف بعده مثله في مذهبه وخرج نعشه من المدرسة الصّالحيّة يوم السّبت تاسع عشر، وصلّى عليه ولده موفّق الدّين بالجامع الأزهر، ودفن بتربة المجاورين، بجوار قبر العلّامة الشّمس العلقميّ الشّافعيّ بوصيّة منه، قريبا من قبر الحافظ عبد الرّحيم العراقيّ صاحب «الألفيّة» في مصطلح الحديث، وكان قبل وفاته نزل عن تدريس المدارس لولده موفّق الدّين، وأجازه بالفتيا والتّدريس، وأجلسه بالجامع الأزهر، لإفادة الطّلبة، ولابنه الشّيخ وليّ الدّين، فاستمرّا على ذلك بعد وفاته، ثمّ سأل قاضي مصر وهو مريض بمكاتبة أن يفوّض لولده الكبير المدعو وليّ الدّين قضاء الصّالحيّة فأجابه إلى ذلك، ثمّ عزل بأخيه موفّق الدّين بعد أيّام يسيرة، ولهما أخ ثالث