المسلم أن يركن إليها ويرتاح فيها، ويجد في رحابها أهلا تربطه بهم وتشدهم إليه روابط الإسلام الوشيجة. غير أن الظروف التي أحاطت بانتقال أهله وعشيرته وذوي قرابته وبني قومه، لم تكن في كل الأحوال ظروفا طبيعية.
لقد احتل الاستعمار الإفرنسي موطن الآباء والأجداد. وقام جده بتولي قيادة الجهاد في سبيل الله، حتى إذا ما انتصر الباطل على الحق في غفلة من الزمن، لم يعد باستطاعة قائد الأحرار البقاء فوق ميادين جهاده ومنتجع قومه، فغادر موطن صباه، ومضى في رحلة العمر الشاقة حتى وصل (دمشق). وهنالك، استقر بمن معه، واستمرت دورة الحياة في مسيرتها. فكبر الأبناء وتكاثر الأحفاد. وكان منهم ذلك الشاب الذي نشأ وهو يحمل في أعماق نفسه آمال أمته وآلامها، ذلك هو الأمير خالد بن الهاشمي بن الحاج عبد القادر الجزائري، أبرز قادة المقاومة الجزائرية في وجه الاستعمار الإفرنسي.
ولد الأمير خالد في دمشق يوم ٢٠ شباط - فبراير - ١٨٧٥. وكان أبوه الهاشمي بن الأمير عبد القادر، أما أمه فكانت سوداء. ولم يكن العرب، المسلمون، يفرقون بين العروق والأجناس منذ أن أطلق الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم صيحته الإنسانية الخالدة في الديار المقدسة:(لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى). وهكذا نشأ خالد في (بيت التقوى). وتردد على معاهد دمشق الدينية، وأمضى في رحاب دورها ومساجدها ومراتعها مرحلة طفولته المبكرة وشبابه الغض، حتى إذا ما بدأ ساعده