الخلافات القائمة بين فرنسا وبريطانيا بشأن التنافس الاستعماري. وقد لا تكون هناك أهمية لاستعراض ما كانت تتبادله الصحافة البروسية - الإفرنسية - البريطانية من اتهامات بشأن التدخل في الجزائر والتحريض على الثورة. غير أن الأمر الثابت هو أن الجهود الأجنبية وعمل أجهزة الاستخبارات والدعاية كان - من حيث النتائج - محدودا. غير أن سقوط فرنسا وانهيار إمبراطورية نابليون الثالث أمام البروسيين كان ذا أثر حاسم، إذ أظهر ضعف فرنسا من جهة، وفتح باب الأمل الواسع أمام الجزائريين في التحرر من ربقة الاستعمار الاستيطاني الذي كان يجثم بكل ثقله، وبكل وحشيته، على صدورهم.
٢ - التحريض الوطني الجزائري (محيي الدين بن عبد القادر):
كان محيي الدين يعيش مع أبيه الأمير عبد القادر في منفاه بدمشق واشتهر بثقافته الواسعة، وحماسته للقضية الإسلامية. وحظي باحترام الدولة العثمانية التي أنعمت عليه (بالنيشان العثماني من الدرجة الثالثة) أيام السلطان عبد العزيز. وأسند إليه في سنة ١٨٦٥ منصب (قاضي أزمير). وبقي يمارس نشاطه بصورة عادية حتى سنة ١٨٧٠، غير أنه كان يكثر من التبرم والشكوى، ويتحرق شوقا لاستئناف الجهاد من أجل تحرير الجزائر. وعندما تأزمت العلاقات البروسية - الإفرنسية، تظاهر محيي الدين بالمرض، وحصل من الأطباء على تصريح له بضرورة السفر للاستجمام. فأذن له أبوه الأمير عبد القادر بالتوجه إلى الإسكندرية. وعندما اندلعت الحرب البروسية - الإفرنسية، ظن محيي الدين أن أمدها سيطول، وأراد انتهاز الفرصة لتحرير وطنه الجزائر من ربقة الاستعمار الإفرنسي، فغادر الإسكندرية متوجها إلى تونس بصورة