انقضت عدة أشهر في الإعداد للاجتماع الأول للمجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي عقد في (وادي الصومام)، وكانت فكرة الدعوة إلى مؤتمر وطني يضم زعماء جميع الجماعات قد انبثقت من الاقتراح السابق لأعضاء اللجنة المركزية لحركة (انتصار الحريات الديموقراطية) وهو الاقتراح الذي تبناه عدد من قادة الجيش، وفي طليعتهم (زيروت) في الشمال القسنطيني، وقد اختار القادة العسكريون (وادي الصومام) مكانا لاجتماعهم بهدف تأكيد سيطرتهم العسكرية على المنطقة التي كان الفرنسيون يزعمون أنهم يسيطرون عليها. ولا ريب في أن اختيار هذه المنطقة مكانا للاجتماع، قد جعل اتخاذ الترتيبات الضرورية لعقده وكذلك تأمين الوصول إليه، وضمان الاتصالات مع الزعماء في الخارج، من الأمور الصعبة والشاقة، ولهذا فقد تأخر الإجتماع عن موعده المقرر بعض الوقت. وعندما اجتمع القادة العسكريون في الوادي، وجدوا أنفسهم منقطعين عن أعضاء (البعثة العسكرية) الذين كانوا ينتظرون الأخبار في إيطاليا، ولكن القرار قد اتخذ من قبل (عبانة) وحده على الغالب بعقد المؤتمر بأي ثمن.