قد لا تكون هناك حاجة للتعليق على (منهج الصومام) الذي سبق عرض مقتطفات منه، ذلك أن هذا المنهج واضح في مضمونه، صريح في عرضه للقضايا التي جابهتها الثورة، دقيق في وضعه للحلول والمخططات التي يجب العمل بها. و (المنهح) في واقعه تعبير عن الحالة العقلية أو (الذهنية) التي كانت تعيشها قيادة (جبهة التحرير الوطني)، غير أن فهم الأبعاد التي تضمنها المنهج، يتطلب بالضرورة القيام بجولة سريعة، أو بعرض وجيز، للمراحل التي سبقت المؤتمر والتي تلته وجاءت في أعقابه.
لقد أصدر القادة التاريخيون بيانهم الأول - في الفاتح من نوفمبر - تشرين الثاني - ١٩٥٤ وهم يدركون تماما ما يعنيه هذا البيان، ولقد قيل (بأنه ليس في وسع أي ثوريين أن يحكموا سلفا على ما تلقاه النداءات التي يوجهونها للثورة من استجابة)(*) غير أن مثل هذا القول يفتقر للدقة، في حالة الثورة الجزائرية على الأقل، إذ لو لم
(*) الجزائر الثائرة (جوان غيلسبي) تعريب خيري حماد - دار الطليعة - بيروت ١٩٦١ - ص ١٣٩.