ما إن انتهت فرنسا من القضاء عل ثورة الإخوان الرحمانيين سنة ١٨٧١ (ثورة المقراني والحداد) حتى انطلقت لتعميق جذور وجودها الاستعماري في الجزائر، ولتوسيع مناطق نفوذها إلى ما وراء حدود الجزائر. وكان هدفها التالي هو فرض نفوذها على تونس. وكان الإيطاليون يطمعون منذ وقت طويل، بحذو أسلوب فرنسا في السيطرة الاستعمارية، غير أن روما ترددت في السير على هذا الطريق خشية أن تخلق بذلك أزمة دولية. وأفادت فرنسا من أول فرصة سنحت لها لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية في الاستيلاء على تونس. وتم لها ذلك عندما نشب خلاف بين (باي تونس) وإحدى الشركات التجارية الإفرنسية في سنة ١٨٨١. فعملت فرنسا على تجريد الباي من سلاحه في العاصمة بواسطة جيش كان قد اجتاح الإقليم بحجة تأديب قبيلة بدوية اخترقت الحدود، وقامت بأعمال عدائية في الجزائر. والحق أن الإفرنسيين أبقوا للباي عرشه اسميا، غير أنهم سلبوه جميع السلطات الحقيقية بلا استثناء.