بعضهم بعضا. غير أن سياسة (فرق تسد) كانت تصطدم في كل مرة (بوحدة المسلمين تحت راية الجهاد في سبيل الله). ولم يتمكن (الخوارج) أبدا من كل الفئات الإسلامية، ومن كافة طبقات المجتمع الجزائري الإسلامي، البقاء في صف أعداء قومهم. وكان للسياسة الاستعمارية فضل لا ينكر في ذلك، إذ أن العدالة في توزيع الظلم قد مارس دوره الأساسي باستمرار في توحيد الجهد (تحت راية الجهاد).
[أ - فئات من المجاهدين]
كان (حضر الجزائر) أحفاد العرب الأندلسيين يشكلون فئة تمتلك بعض الثراء، وكانوا في العهد التركي يحتلون سياسيا المرتبة الثالثة بعد الأتراك والكراغلة (من أب تركي وأم جزائرية) وكانوا يملكون الأراضي في سهل متوجه (متيجة) وبعض الممتلكات في مدينة الجزائر ذاتها حيث يمارسون أعمال التجارة، وكانوا غالبا راضين بوضعهم ولا يطمحون للمناصب السياسية، ولو أن بعضهم تقلد مناصب القضاء والإفتاء والكتابة ونحوها من الأعمال التي تتطلب ثقافة عالية. وعندما بدأ الإفرنسيون في (فرز) عناصر المجتمع الجزائري تمهيدا لتمزيقه، صنفوا طبقة (حضر الجزائر) على أنها منافسة وساخطة على الأتراك. وهكذا وجهوا أنظارهم إلى هذه الطبقة التي لم تعارض مبدأ التعاون المشروط مع الإفرنسيين الذين عملوا بمجرد الاستيلاء على مدينة الجزائر، على تنحية الأتراك وإسناد بعض مناصبهم لهؤلاء الحضر، فتولى بعضهم مركز (آغا العرب) مثل حمدان بن أمين السكة، وأصبح بعضهم بايا على التيطري (مصطفى بن عمر) وتم تعيين (أحمد بوضربة) رئيسا لأول مجلس بلدي لمدينة الجزائر. ولكن فئة (حضر الجزائر.) اكتشفت