كان التمرد الذي وقع في كانون الثاني - يناير - ١٩٦٠، اختبارا لقوة الجنرال (ديغول) اجتازه بنجاح واضح. ولعل مما يدل عليه أن الجمعية الوطنية الفرنسية - البرلمان - وافقت بأغلبية ساحقة على منح الحكومة السلطات الاستثنائية اللازمة - لمدة أربعة عشر شهرا - والتي تجعل في مستطاعها إعادة الأمن والنظام في الجزائر. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الجمعية (إعرابا عن ثقتها في ديغول) قررت أن المراسيم التي تصدر لهذا الغرض، وبمقتضى السلطات الاستثنائية المخولة للحكومة، يجب أيضا أن يوقع عليها هو شخصيا.
ولكن، وبرغم هذا النجاح الذي كان يكفل له حرية التصرف في معالجة المشكلة الجزائرية على النحو الذي يخلص فرنسا من متاعبها التي دامت طويلا، فقد بقي موقفه من مستقبل الجزائر وحقوق أهلها، بل ومن الحل الواجب اتخاذه، موقفا متسما بالغموض، سواء عن عمد لأن رأيه لم يكن قد استقر بعد على منح الجزائريين (حق تقرير المصير) أو لأنه لم يرغب في إثارة العناصر المتطرفة ويؤلف بينها ضده، وإن كان التفسير الأخير أقل احتمالا بعد أن