كان صورة عن عصره، ومرآة انعكست عليها أحداث أمته ووطنه، غير أنه لم يكن مجرد صورة سلبية أو مرآة جامدة فحسب، بكلمة أوضح، لم يعش حياته العامة منفعلا بقدر ما كان فاعلا، ولم يشترك في أحداث قومه متأثرا بقدر ما كان إيجابيا ومؤثرا. لقد حمل في أعماق نفسه، وهو ما زال صغيرا، جراح أسرته، وما كانت تعانيه من مرارة البعد عن الوطن، وضغوط القهر. وصحيح أن العالم الإسلامي كان في تلك الحقبة التاريخية مفتوح الرحاب أمام كل المسلمين للحركة والتنقل، لا حدود ولا سدود أمام الإنسان المسلم في وطنه الكبير، وصحيح أيضا أن العرب والمسلمين قد احتفظوا حتى تلك الفترة بعاداتهم وتقاليدهم الموروثة منذ مئات السنين، ومنها استعدادهم الدائم للارتحال والاستيطان في أي مكان يختارونه، وأي موقع يريدونه في كل ديار الإسلام. وصحيح بعد ذلك، أن دمشق الخالدة بقيت أبدا كعهدها، قاعدة صلبة للعروبة والإسلام، بحيث يستطيع الإنسان