بينما كان الوفد المفاوض الجزائري، يمضي قدما في طرح مواقف (الجزائر وحكومتها) بصراحة ووضوح، كانت فرنسا تمضي بدورها قدما في (اختراع المخططات الاستعمارية المتطورة) وكان موضوع (تقسيم الجزائر) في جملة (البدع) التي تفتقت عنها العبقرية الاستعمارية، مستفيدة في ذلك من تجربة تقسيم فلسطين، ومتجاهلة كل حقائق الموقف الجزائري، ولقد كان أول رد فعل للوفد الجزائري على قضية (تقسيم الجزائر) ممثلا بالمقولة التالية:
(إن الوفد الجزائري لم يعالج هذا والموضوع من الزاوية المعروفة، لقد جعله الوفد الفرنسي موضوعا إقليميا تريد فرنسا من ورائه أن تحتفظ عليه بسيادة كاملة، وبهذا فإنها تنتقص من وحدتنا الإقليمية، وسيادتنا الوطنية). وفي موضوع اقتراح الوفد الفرنسي بإقامة مناطق عسكرية تبقى خاضعة لفرنسا، ذكرت البعثة الجزائرية في هيئة الأمم المتحدة، في تقرير لها، ما يلي:(لقد طلبت فرنسا إقامة مناطق عسكرية تابعة لها في الجزائر، لا مجرد قواعد عسكرية فحسب بل مناطق كاملة تمارس فرنسا عليها السيادة الكاملة، ويتنافى هذا الطلب مع الوحدة الإقليمية للوطن الجزائري ومع مبدأ تقرير المصير، لأن هذا المبدأ يجب أن ينطبق على جميع الجزائر وجميع الجزائريين).
جدير بالذكر أن حملة (تقسيم الجزائر) كانت حملة شاملة، بقيادة الرئيس الفرنسي - ديغول - ذاته؛ ففي حفلة كبرى أقامها في حدائق (قصر الإليزيه) تفجر الرئيس ديغول غضبا على الحكومة الجزائرية لأنها رفضت خطة (الجمعية الجزائرية الفرنسية)، وقد بدا في ملاحظاته تهديد صريح بتطبيق فكرة التقسيم في الجزائر،