لقد أراد (ديغول) من محاولة (الدمج) و (الاستفتاء) إلغاء دور القيادات الوطنية - وبصورة خاصة في الجزائر - لاختيار ممثلين لديهم الاستعداد لتنفيذ المشاريع الاستمعارية الديغولية وفي الواقع، فإن قضية التمثيل الجزائري أصبحت محلولة، ومنتهية، بالنسبة لجبهة التحرير الوطني الجزائري؛ إذ أكدت جماهير الشعب الجزائري، في مناسبات كثيرة، التفافها حول (جبهة التحرير الوطني) واعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لها، وكان أكبر استفتاء شعبي يؤكد هذا الواقع؛ هو إضراب الثمانية أيام الذي امتد من ٢٨ كانون الثاني - يناير - وحتى ٤ شباط - فبراير - ١٩٥٧ والذي يتطلب في الواقع التوقف قليلا عند بعض التقارير التي وردت عنه؛ وقد جاء في أحد هذه التقارير ما يلي:
(الجزائر - يوم ٢٨ كانون الثاني - يناير -: سكون مؤثر على مدينة شبه مقفرة، لقد بدأت تجربة من تجارب القوة في الجزائر، تحت أكثر الشموس إشراقا وضياء، وهذه التجربة هي الإضراب الذي سيستمر ثمانية أيام، والذي أوعزت به جبهة التحرير الوطني إلى المواطنين المسلمين. يظهر أن المدينة لا زالت نائمة حتى الآن، ولا زال الهدوء مهيمنا حتى على الأحياء المركزية، حيث المخازن الأوروبية مفتوحة كعادتها، ولا يعكر صفو السكون في القصبة والأحياء المتطرفة، إلا الضجة الصماء المنبعثة عن المطارق والمعاول التي يستخدمها الجند، لتدمير أبواب المخازن والحوانيت المغلقة.
لقد لبى التجار المسلمون بكثرتهم الساحقة أمر الإضراب، وكانت السيارات المجهزة بمكبرات الصوت قد أعلنت في الساعة