بالإعدام. غير أن عملية القمع هذه لم تدمر قاعدة التنظيم على ما يظهر، ولو أنها أخرت من موعد تفجير الثورة.
فتابع بعض القادة والموجهين نشاطهم السري، واعتصموا بالجبال، وابتعدوا عن الحياة المدنية منذ سنة ١٩٤٨. وأمكن لبعض الرواد الثائرين الهرب من معتقلات العدو، واللجوء إلى الجبال، أو الانتقال للعمل خارج البلاد. وفي صيف سنة ١٩٥٤، ظهر للرواد التاريخيين أن موعد فجر الثورة بات قريبا. ففي الخارج كانت حركات التحرر الوطني تحقق النصر تلو النصر، وفي الحدود الشرقية والغربية كانت ثورة القطرين الشقيقين (تونس) و (المغرب) تلهب مشاعر جماهير الشعب الجزائري، وتدفعها لحمل السلاح والسير على طريق الثورة المسلحة. وفي داخل الجزائر، كانت الممارسات الاستعمارية تزيد من احتمالات تفجير (برميل البارود). وكان الاجتماع التاريخي في (١٠ تشرين الأول - اكتوبر - ١٩٥٤) في العاصمة الجزائر. حيث تقرر إطلاق رصاصة الثورة، ووضعت اللمسات الأخيرة على مخططات انطلاقة الثورة. ونظمت (اللجنة الثورية للوحدة والعمل). وانطلقت ثورة الفاتح من نوفمبر (في ليل عيد جميع القديسين).
[ب - البداية الشاقة]
فوجئت السلطات الاستعمارية، وبوغت العالم كله، بوقوع سلسلة من الهجمات المسلحة التي شنها المجاهدون الجزائريون على المنشآت والمراكز العسكرية الإفرنسية في كامل أنحاء الجزائر، وعلى الأخص في جبال الأوراس، والشمال القسنطيني، والقبائل الكبرى، ونواحي الجزائر وتلمسان. وكان ذلك إيذانا ببداية الحرب طويلة الأمد والتي استغرقت مدة سبع سنوات ونصف.