لقد انطلقت الثورة منذ البداية على أساس القيادة الجماعية، تنكرا لمبدأ عبادة الفرد من جهة، واستجابة لمتطلبات الحرب الثورية وظروفها من جهة ثانية؛ غير أن ذلك لم يكن ليتناقض أبدا مع أهمية القائد ودوره الحاسم في إدارة الحرب الثورية وتوجيهها، ومن هنا فقد احتل الرواد التاريخيون الذين اتخذوا قرارهم التاريخي بتفجير الثورة وإدارة عملياتها في أصعب ظروف الجهاد وأقساها، مرتبتهم الخالدة؛ ومن هنا أيضا برزت أهمية النسق الثاني والأنساق التالية التي تتابعت على قيادة الجهاد طوال فترة الحرب الثورية، حيث اضطلع جيل القادة بدور تاريخي لا ينكر. وقد يعجب المرء لتلك الطاقات القيادية، وتلك الكفاءات العالية التي فجرتها الثورة، ما تكاد فئة منها تمضي للقاء ربها بعد أن تكون قد أدت واجبها، حتى تخلفها فئة ثانية، بمثل كفاءتها وبمثل صلابتها، وبمثل تصميمها وعنادها. وأكد الشعب الجزائري بذلك غناه بالكفاءات القيادية. والمهم في الأمر، هو أن هذه القيادات التي تصدت لدور الريادة، قد عملت منذ البداية على إعداد أجيال القادة وتأهيلها، إيمانا منها بأهمية الدور القيادي في الثورة من جهة، وإخلاصا منها لفكرة الثورة