للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - ضباب الفجر (*)

أقبل الشتاء قاسيا على بلاد القبائل، وبدأ المطر يتدفق بغزارة، ومن غير توقف أو انقطاع، منذ ساعات الفجر المبكر، ففاضت السواقي الكثيرة بما تحمله، واجتاحتها السيول التي فاضت مسرعة لتجتاح الطريق، وتصدم السدود بصوت هادر يصم الآذان، هذا فيما كان صخب المياه يتردد قويا وهو يتساقط كالشلال ليغمر الحقول ويكنسها، حتى لم يعد يظهر منها إلا تلك التلال المسودة التي تفصل فيما بين حقول السهل الفسيح. وباتت هذه التلال مطوقة بدوامات طينية مما حمله السيل الجارف وقذف به نحو النهر ليزيد من فيضانه. وكانت الأشجار العارية تنتصب قائمة، بلونها البني، فوق الأرض المغمورة بالمياه. فتشكل رسما نموذجيا للطبيعة الجامدة جمود الموت. حتى أنه ما من طائر وجد في نفسه الجرأة للطيران، واقتحام العاصفة، من أجل البحث عن ملجأ أكثر أمنا، بالرغم من المخاوف التي تكون قد انتابته من برودة الهواء الجليدي، ومن الضباب


(*) للكاتب الجزائري (طاهر جاويد) طالب في كلية العلوم، ومن قدامى المجاهدين. والمرجع RECITS DE FEU (SNED) S.N. MOUDJAHED . ALGER , ١٩٧٧ .P . P ٥٥ - ٦٣

<<  <  ج: ص:  >  >>