ما ان استقرت السلطة الإفرنسية في الجزائر العاصمة، حتى أخذت في البحث عن الوسائل والطرائق التي يمكن لها استخدامها للسيطرة على البلاد، وحاولت في البداية أن تعتمد على الأقليات، اليهود بصورة خاصة، وكذلك الفئات غير التركية (حضر الجزائر). ويذكر أن (كلوزول) قائد الجيش الإفرنسي بعد (دوبورمون) قد طلب من أعيان مدينة الجزائر قائمة بأسماء العائلات الكبيرة في المدينة ليعين منها (بايا) على إقليم (تيطري). وحاول الإفرنسيون الاستمرار في تقليد العثمانيين عند إسناد منصب (الباي) إلى من يرغبون، فكانوا يخلعون على الشخص الذي يسمونه (بايا) القفطان المميز للباي ويسلمونه سيفا، غير أن الفرنسيين لم يلبثوا أن ألغوا بسرعة منصب الباي. المهم في الأمر هو أن (كلوزول) اختار مصطفى بن الحاج عمر (أو مصطفى بن عمار) ليكون بايا على تيطري خلفا للباي (مصطفى بومزراق) الذي كان قد اتفق مع الإفرنسيين ثم ثار ضدهم فخلعوه.
وكان على (مصطفى بن عمار) مواجهة ثورة (الباي السابق) ومواجهة ثورة (ابن بومزراق) وأن يقمع اضطرابات الإقليم الثائر، وتنفيذ ما يطلبه الإفرنسيون من إخضاع للإقليم. وزاد من صعوبة الموقف أن الإفرنسيين اشترطو عليه الإبقاء على الإدارة السابقة، وعدم إجراء أي تغيير يدعم من سلطته .. فمضى (مصطفى بن عمار) إلى ممارسة الحد الأدنى من واجباته (القضاء والمخالفات ونحوها) والاقتصار في نشاطاته على حدود مدينة المدية (١) ولكن إذا
(١) كان الإفرسنيون بقيادة (كلوزول) قد دخلوا (المدية) يوم ٢٣ تشرين الثاني - نوفمبر - =