بقي المماليك هم القوة الحاكمة في مصر منذ نهاية الحروب الصليبية وامتد حكمهم لأكثر من ثلاثة قرون، حتى إذا ما جاء الفتح العثماني، لم يغير كثيرا من العلاقات التي كانت سائدة، غير أن حملة نابليون على مصر (١٧٩٨ م) دمرتهم في معركة الهرم،
(١) محمد علي باشا، من مواليد فواله على الساحل المقدوني (١٧٦٩ - ١٨٤٨).كان عمه يشغل منصب (متسلم - أو نائب والي) وفي ديوان عمه هذا تمرس محمد علي بالأعمال والمعاملات من غير أن يحظى بتربية مدرسية صحيحة. حتى إذا بلغ من العشرين كان قد نجح في تجارة التبغ وعقد الصفقات فيها، والتبغ مادة التجارة الرئيسية في بلده الأم. وظهرت عليه أمارات النزوع إلى السلطة وقوة الشخصية منذ نعومة أظفاره. وعندما قام (نابليون) بغزو مصر، فأرسل السلطان سليم الثالث بضع سفن حاملة جنودا إلى مصر في صيف سنة ١٧٩٩. وكان على (عم محمد علي) أن يبعث إلى مصر أيضا بكتيبة مؤلفة من ثلاثمائة رجل، فعهد إلى ابنه الصغير بقيادتها، وعين (محمد علي) مستشارا لابنه. ولم تكد الكتيبة تصل إلى مصر حتى تولى محمد علي القيادة الفعلية وأظهر في المعارك التي قادها ضد الإفرنسيين حتى أكرههم على الجلاء عن مصر من الكفاءة القيادية ما أهله للوثوب بقفزة واحدة إلى منصب القيادة العامة في سنة (١٨٠١). وفي سنة ١٨٠٥، أصبح حاكم مصر بدون منازع، مستعينا على بلوغ مأربه بشيوخ الأزهر. ووافق السلطان على تعيينه واليا على مصر. ومنحه لقب (باشا).