لأننا في الحرب نار تسعر ... اليوم تسقون العذاب الأكبر
ذلك هو نموذج من رجز الحرب، أطلقته المجاهدات في سبيل الله يوم فتح الشام. وكانت خولة بنت الأزور، وعفرة بنت غفار، وأم إبان بنت عتبة، وسلمة بنت النعمان تتقدمن جموع النساء وهن تحملن أعمدة الخيام لقتال الروم. وتشتد المعركة في اليرموك، وتقف مجموعة من النساء خلف المجاهدين، وهن تستثرن الحماسة بما ترتجزنه من الشعر، وما تطلقنه من الزغاريد:
أين أين عز الإسلام والأمهات والأزواج.
قبح الله رجلا يفر عن حيلته، وقبح الله رجلا يفر عن كريمته.
والله لستم بعولتنا إن لم تمنعونا.
يا هاربا عن نسوة ثنيات ... فعن قليل ما ترى سبات
ويبقى الرجز، وتبقى صيحات النسوة، من الظواهر المميزة لحروب الإسلام والمسلمين، حيث وقفت المرأة إلى جانب الرجل، تشاركه أمجاد انتصاراته وتشاطره مرارة هزائمه وانتكاساته ويغمض التاريخ عينه في إغفاءة، ليستيقظ على رؤية الصورة ذاتها،