رفضوا الخضوع لتدريب المدربين. إنهم كانوا في أسلوبهم الحربي تقودهم شهامة مستقلة تمنعهم من الاعتراف بسيد يحضعون له. وكانوا يعرفون بأنهم لا يساوون شيئا عند قتال الصدمة، غير أنهم كانوا يعتقدون أن ما من أحد ينافسهم في الاشتباك الفردي وفي الكمين وفي المباغتة وفي المناوشات الخفيفة. ولم يكن الهروب في نظرهم يحط من قدرهم حتى أمام قوة أصغر منهم، لأن هروبهم لم يكن في الغالب سوى خدعة. وكان المبدأ الذي علمتهم إياه هو أن يلحقوا الأضرار بالعدو قدر استطاعتهم بدون أن يتعرضوا هم لأي ضرر).
[ب - التسلح والصناعة الحربية]
أمكن للأمير عبد القادر تلسيح جند جيشه النظامي كلهم بالبواريد الإفرنسية أو الإنكليزية. وحصل على هذه البواريد إما عن طريق الغنائم التي اكتسبها نتيجة معاركه الظافرة، أو من الجنود الإفرنسيين الفارين، أو بالشراء من المغرب الأقصى (مراكش). وكان على كل عربي يمتلك بارودة إفرنسية أن يبيعها إلى الدولة بمبلغ جنيهين إنكليزيين، ثم إن هذا العربي يحصل لنفسه على بندقية محلية الصنع، أو بطرقه الخاصة من الأسواق، أو من قبائل الصحراء التي تأتي إلى التل، فتغرق البلاد بأسلحة تحملها معها من تونس، ومن تقرت، ومن ميزاب، ومن أولاد سيدي الشيخ. وأدرك الأمير عبد القادر ضرورة الاعتماد في تسلحه على القدرة الذاتية للبلاد، فأقام مصانعه التي كان يديرها أوروبيون، والتي أخذت تنتح بكفاءة وإتقان ما يحتاجه الجيش من مصانعها في أهم المدن الخاضعة للأمير.
ففي (تلمسان) أقيم مصنع لصهر المدافع، كان ينتج يوميا إثنا