وسأل المفتش؛ هل من طريقة أخرى؟ وأجاب المفتش الإفرنسي بغلظة وفظاظة: نعم. وسرعان ما ألقى الشاب على بطنه، والدم ينزف من أصابعه. وتناول المفتش حديدا كان قد احمر على النار وأخذ يشوه به جسم الشاب الضحية. وفقد الشاب وعيه، وما كاد يفتح عينيه - في اليوم التالي، حتى سأل المفش: هل من طريقة أخرى؟ ... وأحضرت في الحال زجاجة كبيرة - قنينة طليت جوانبها بالزيت. وجرد الشاب من ثيابه كلها وهو يئن من الألم. وسرعان ما رفعه مفتشان بين أيديهما، وأقعداه بقوة على الزجاجة وتمزق اللحم. ودوت صرخة ألم حادة كافية لترويع أقسى القلوب المتحجرة، واستثارة أعمق العواطف والانفعالات الإنسانية، إلا قلوب هؤلاء المخلوقات من أعداء الإنسانية، والذين جردتهم حضارتهم من كل القيم والفضائل. وجدير بالذكر، أن طريقة الإقعاد على الزجاجة والقارورة، هي طريقة من إبداع العبقرية الإفرنسية، ظهرت أول ما ظهرت في الجزائر، وعنها أخذتها بعض المدارس الاستعمارية الأخرى.
(هـ) في ذمة التاريخ (*):
لم تكن الأحدات التي وقعت في الجزائر - يوم النصر - عام ١٩٤٥، دون مقدمات، ودون نذر سابقة ففي نهاية شهر نيسان - أبريل - بعث ستة أعضاء من الأوروبيين في المجلس العام رسالة إلى محافظ إقليم (قسنطينة) - الحاكم - يطلبون فيها اتخاذ إجراءات (فورية) يمكن لها أن تؤدي إلى إعادة فرض
(*) الجزائر الثائرة (جوان غيلسبي) ترجمة خيري حماد - ص ٧٦ - ٧٩.