كان في مدينة الجزائر وحدها يوم وطئتها أقدام الغزاة الصليبيين- الإفرنسيين - سنة ١٨٣٠ مائة وستة مساجد، وعندما حرر المسلمون الجزائريون بلادهم سنة ١٩٦١ لم يكن في عاصمة الجزائر أكثر من ثمانية مساجد فقط. وهكذا اختفى ٩٨ مسجدا كانت من أعظم منارات الدنيا.
وكانت الأوقاف الإسلامية في جزائر المسلمين تبلغ نحو (٦٦) في المائة من مجموع الأملاك العقارية والزراعية. ويعود السبب في ذلك إلى شغف الجزائريين بحبس أموالهم على المساجد وأضرحة الأولياء وأندية العلم عامة والحرمين الشريفين خاصة. وكان الجزائريون يديرون هذه الأموال بمهارة وكفاءة، بواسطة إدارة أهلية، ولم يكن أحد يشكو يومئذ فقرا لأن جميع الفقراء كانوا يأخذون حصتهم ونصيبهم من خيراتها. وهكذا استمرت الجزائر في بحبوحة من العيش أيام عزها ومجدها، حتى غزتها جحافل الصليبيين الإفرنسيين. وعندئذ تطلعت فرنسا إلى تلك الخيرات فحاولت انتزاعها من أيدي أصحابها، ولكنها وجدت