شروط الواقفين حائلة بين الإفرنسيين وبين ما يطمعون. فخلقوا مشكلة التدخل في أمورها بحجة التنظيم والإصلاح.
واشتهر القضاء الإسلامي، عبر التاريخ، بنزاهته وإستقلاليته، ووجد الاستعمار الإفرنسي في هذا القضاء عاملا قويا في المحافظة على شخصية الجزائر الإسلامية والإبقاء على أصالتها، فراح يخطط لفرض هيمنته على هذا القضاء، فأصدر قرارا يوم ١٠ نيسان - أبريل - ١٨٣٤ ينص على (استئناف الأحكام التي يصدرها القاضي المسلم أمام مجلس الاستئناف) وفي هذا ما يخالف الشريعة الإسلامية، إذ أنه ليس لحكم الله استئناف أو تمييز، أو مماطلة وتسويف. وزاد الأمر خطورة بإسناد حق الاستئناف إلى قضاة الاستئناف من النصارى أو اليهود. وزاد في العدوان الإفرنسي الأثيم - أيضا - إرغام القضاة المسلمين على إصدار أحكامهم (باسم الملك الإفرنسي - إبان حكم الملكية، وباسم الإمبراطور - في أيام نابليون الثالث، وباسم الدولة الإفرنسية - في عهد بيتان). وأضيفت إلى ذلك مجموعة من الصعوبات والعراقيل، جعلت اختصاص القضاة المسلمين بعد سنة ١٨٤١ محصورا في دائرة ضيقة النطاق لا تتجاوز الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية والإرث. وكانوا قبلا ينظرون في الدعاوى الجنائية والمدنية والتجارية وقضايا العروض والعقارات. ولم يتوقف نشاط الاستعمار الإفرنسي المعادي للقضاء الإسلامي عند حد تضييق الخناق عليه والحد من صلاحياته، بل تجاوزها إلى لأعمال حذف المحاكم الإسلامية وإبطالها. ففي ٢٨ آب - أغسطس - سنة ١٨٧٤، صدر أمر بحذف المحاكم الإسلامية